رأسها وأطرافها، فقتلوا الضَّرير ورموا به في بئر، ونكسوا البصير من باب القنطرة على رأسه إلى الصراة، وكان الضعفاء يعملون مثل ذلك، ولا يُعلم بهم].
وفيه قبض عميد العراق على صندل خادم الخليفة، فقامت عليه القيامة، وكتب إلى رئيس الرؤساء رقعةً طويلةً بخطِّه يقول فيها: قد عرفت ما كان الانقباض واقعًا منه عند النص على استخدام أَحْمد بن عليّ -يعني العميد- على الباب العزيز، فإن أسباب الكراهة لذلك كانت باديةً، ثم ظنَّ أنَّ ما سوَّفه به من اللفظ العالي السامي المعظَّم يوم الوداع كافٍ لملوك الأرض، فضلًا عنه، وذكر أفعال العميد وما عامل به أمراء الأطراف، وقال: ومن العناء رياضة الهَرِم (?)، فأطلق الخادمَ، واعتذر بأنه لم يعلم أنَّه من خدم الخاصة، وفي هذا الوقت أُسِرَ أبو الغنائم بن فسانْجِس، وسببه أن أَبا الفضل الهَمَذاني عميد العراق خرج من بغداد في جماعة من الجند والعجم والعرب لاعتراض ابن فسانْجِس في إصعاده من واسط، فصادفوه يوم الثلاثاء رابع عشر صفر، وهو في جمع كثير من الغلمان الواسطية والدَّيلم وبين خَفاجة ورجاله، وكان الهَمَذاني في نَوْشير (?)، فلما رآه العميد رمى بنفسه ومَنْ معه عليهم، فهزمهم وقتلهم، وأَخذَ ابنَ فسانْجِس أسيرًا وأخاه وأهلَه، وكتب إلى بغداد على جناح طائر، فضُربت البشائر، وحُمل إلى بغداد يوم الأحد تاسمع عشر صفر على [جمل] (?) وعليه قميص أحمر، وطرطور أحمر بوَدَعٍ، وأُخِذَ من رَحْله دراهم عليها اسم صاحب مصر، فعُلِّق بعضُها في عصابة على جبينه، وطِيفَ به بغداد من الجانبين، وصعد الخليفة ورئيس الرؤساء إلى المنظرة بباب الحلبة حتَّى شاهداه، ووراءه النَّاس يضربونه، ويُنادى عليه: هذا جزاء من كفر النعمة، وأساء إلى من أحسن إليه. فلمَّا بلغ النجميَّ حُطَّ وقد نُصِبت له خشبة فصُلِبَ عليها، وشُدَّت رجلاه في رأسه، وقُطِعَ رأسُه، ورُميت جثَّتُه إلى الكلاب فأكلتها، وبعث العميد رأسه إلى السلطان مع المنجوق الذي له، وعليه اسم صاحب مصر، فأمر السلطان بأن يُعلَّق رأسُه على المنجوق ويُطاف به في العسكر.