وفيه كانت وقعة سنجار بين البساسيري وقُتُلْمِش، فكانت الدَّبَرة (?) على قُتُلْمِش، وسببه أنَّه سار من بغداد بالغُزِّ، فنهبوا بلاد العرب، وسبَوا نساءهم، فمالوا إلى البساسيري، وكان قريشٌ نازلًا بتلِّ أعفر، فلما قربوا منه حَذِرَ مقاربتهم، وسار بعيدًا عنهم، ولم يختلط بهم، وراسل دُبيس بني عقيل الذين مع قريش، وبذل لهم العطاء، وخوَّفهم ما يؤول إليه أمر العرب مع الغُزِّ، وكان البساسيري ودُبيس ومقبل وابن وَرَّام وبطون العرب والغلمان البغدادية والأكراد نزولًا على فرسخين منهم، وكاتبوا قريشًا، فلم يلتفت إليهم، فأفسدوا القبائل، فلما كان أول ذي القعدة ظهر أوائل خيل البساسيري، فركب أصحاب قريش نحوها، ثم انضووا إليها أولًا أولًا، وقليلًا قليلًا، حتَّى بقي قريش في عدد يسير من أصحابه وحاشيته، وأظلَّه القوم، ولحقه دُبيس فأغلظ له، وقال: انْجُ بنفسك. فترك قُريشٌ التجافيف، وركب فرسًا خفيفًا، ونجا بنفسه، وأراد مقبل أن ينهب حلةَ قريش، فمنعَتْه أختُه وزوجة دُبيس، ونزلت في الحلة فحمتها، وعرفت الغُزُّ [الذين فيها] (?) الخبر، فجاؤوا صفوفًا، والتقوا، فاقتتلوا إلى العصر، فحمل البساسيري ودُبيس ومَنْ معهم عليهم حملةً واحدةً، فهزموهم وقتلوهم وشردوهم، وقتل الحاجب الكبير، وهرب قُتُلْمِش ومن معه، وغنم البساسيري وأصحابُه غنائمَ كثيرةً، وقتل خلقًا كثيرًا، وبعث إلى مصر بألفي فارس (?) ومئتي رأس.
وفي رواية: كان مسير البساسيري من الرحبة عاشر رمضان بعدما فرَّق الأموال الواردةَ إليه من مصر والخِلَع، وكانت خِلَعًا نفيسةً؛ طميم الذهب، وعمائم ملونة، ومراكب الذهب، والأعلام على القصب والفضة، ومهد على رأسه رصافية ذهب عليها اسم صاحب مصر، وسِجافُه دَبيقيٌّ (?) أزرقُ مُصْمَتٌ بالذَّهب، وحمل إليهم الأموال، فإلى دُبيس ثلاثين أَلْف دينار، وإلى أمراء العرب على أقدارهم، وأعطى دُبيسًا ثلثَ الموصل، ومقبلًا الثلثين، وأقطع الجزيرة للعرب، وسار إلى الخابور وقريشٌ بتلِّ أعفر