ولمَّا أبيتُم أن تَزوروا وقُلتُمُ ... ضَعُفنا فما نقوى على الوَخَدانِ (?)
أتيناكُمُ من بعد أرضٍ نزورُكم ... وأشواقُنا تحْدو بِجَذْبِ عِنانِ (?)
نُناشِدُكُمْ هل مِنْ قرًى لِنَزيلِكُم ... بقرب جوارٍ (?) لا بِمِلءِ جِفانِ
فكتبتُ إليه: [من الطويل أيضًا]
أرومُ نهوضًا ثم يَثْني عزيمتي ... تاؤُّدُ (?) أعضائي من الرَّجَفانِ
فضمَنتُ بيتَ ابنِ الرشيدِ كأنما ... تعمَّدَ تشبيهي به وعَناني
أَهُمُّ بأمرِ الحزمِ لو أستطيعُهُ ... وقد حِيلَ بين العَيرِ والنَّزَوانِ
ومعنى ابن الرشيد الأمين لمَّا احيط به في حصار طاهر تمثل بهذا البيت.
قلت: صوابه: ابن الشَّريد؛ فإن البيت لصخر بن الشَّريد (?)، في جملة أبيات، والقصة مشهورة، وكون الأمين تَمَثَّلَ به، لا يُقال: بيت الرشيد، بمجرَّدِ تمثلِه به، والله أعلم.
قال: ثم نهضَ وقال: لا يقنع الصاحب مني هذا، ثم ركب دابةً إلى الخِيام، فوجدها مشتبِكَةً، فلم يصِلْ إليه، فصعد على تلٍّ ورفع صوته يقول أبي تمام: [من البسيط]
ما لي أرى القُبَّةَ الفيحاءَ مُقْفَلةً ... دوني وقد طال ما استَفتحتُ مُقْفَلَها
كأنَّها جنَّةُ الفردوسِ مُعرِضَةً ... وليسَ في عملٌ زَاكٍ فأدخُلَها
قال: فناداه الصاحب: ادخُلْها أبا أحمد، فلكَ السابقةُ الأولى. فتبادر [إليه] (?) أصحابُه فحملوه حتى أجلسوه بين يديه، فسأله عن مسألةٍ، فقال [له] (?) أبو أحمد: الخبير فصادفت. فقال الصاحب: يا أبا أحمد، تُغرِبُ في كلِّ شيء، حتى في المثل؟ فقال: حاشا مولانا من السقوط؛ لأن المثل: على الخبيرِ سَقَطْتَ، فغيَّر العبارة وأتى بالمقصود، وكانت وفاتُه يوم التروية بالبصرة.