كفى حَزَنًا أن المروءةَ عُطِّلَتْ ... وأنّ ذوي الألبابِ في الناس ضُيَّعُ

وأن ملوكًا ليس يَحظى لديهمُ ... من النَّاسِ إلا مَن يُغَنِّي ويُصْفَعُ

[وفيها توفي]

كافور بن عبد الله

الخادم الإخشيدي، أبو المِسْك، صاحبُ مصر.

اشتراه سيّده أبو بكر محمَّد بن طُغْج بثمانية عشر دينارًا -وقيل: بخمسة عشر- من الزَّيَّاتين، فاستولى على مصر والشام، وتوفي الإخشيد سنة أربع -أو خمس- وثلاثين وثلاث مئة، فأُقعِد ابنُه أبو القاسم أنوجور، وأبو الحسن علي مكانه، ودخلا مع الخليفة في ضَمان البلاد، وكان المُدَبِّر لأمرهما كافور، وسار إلى مصر فقتل غَلْبون ومَلَكها- وكان غَلْبون قد تَغلَّب عليها.

وكان كافور شجاعًا، مِقدامًا، جَوادًا، يُفَضَّل على الفحول، وقصده المتنبِّي ومَدَحه، فأعطاه أموالًا كثيرة، ثم فارقه إلى العراق.

وقال أبو الحسن بن آذِن النَّحْوي (?): حضرتُ مع أبي مَجلسَ كافور وهو غاصٌّ بالناس، فقام رجل فدعا له وقال في دعائه: أدام الله أيامِ مَولانا، بكسر الميم من أيام، فأنكر كافور والحاضرون ذلك، فقام رجلٌ من أوساط الناس فقال:

لا غَرْوَ أن لَحَن الدَّاعي لسيِّدنا ... أو غَصَّ من بَهَرٍ (?) بالرِّيق أو بَهَرِ

فمِثلُ هَيبَته حالت جَلالتُها ... بين الأديب وبين القَوْلِ بالحَصَرِ

وإن يكن خَفَض الأيامَ من غَلَطٍ ... في موضعِ النَّصْبِ لا عن قِلةِ البَصَرِ

فقد تفاءلْتُ من هذا لسيِّدنا ... والفَألُ مَأثَرة عن سيِّدِ البَشَرِ

بأنَّ أيَّامَه خَفْضٌ بلا نَصَبٍ ... وأنَّ أوقاتَه صَفْوٌ بلا كَدَرِ

فعجب (?) الحاضرون وكافور، ووصَلَه وأحسن جائزتَه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015