وكتب إلى ابن مقلة بالقدوم وكان بشيراز.
وصُرِف محمَّد بن المكتفي إلى داره بحريم دار ابن طاهر، واستَحْجَب القاهر عليَّ بنَ بليق، وقلَّد مؤنسٌ الشرطةَ ببغداد غلامَه يُمنًا الأعور.
وكتب مؤنس إلى علي بن عيسى وكان بالصافية أن يَحضُر، فقدم بغداد، ودخل على القاهر فأكرمه ووعده جميلًا، ثم صرفه إلى منزله.
وكتب القاهرُ كتابًا إلى الآفاق بإشارة مؤنس: أنَّ المقتدر قتله بعضُ جنده ورجالٌ من عسكره.
وفي مُستهلِّ ذي القعدة دخل بليق وابنُه وأبو القاسم الكلوذاني على القاهر، فطالبوه بمال البيعة ورِزقِ الجند، فحدَّثهم بما فعل بوالدة المقتدر، وأنَّه ضربها مئةَ مِقْرَعة على المقاتل فما أقرَّت إلا بعَقار ثمنُه ثلاثون ألف دينار، ثم قال: وها هي بين أيديكم إن شئتم سلَّمتُها إليكم، ثم أدخلهم إلى الدار التي فيها الصناديق، وفيها ثيابُ وَشْيٍ وديباجٌ، وصياغاتٌ من ذهب يسيرة وفضةٌ، وطيبٌ وغيره ما قيمتُه مئةٌ وثلاثون ألف دينار وثلاثُ مئة ألف درهم، فتسلَّمَه أصحابُه، وتفرَّق على الجند.
قال ثابت: وتقدَّم القاهر بكَبْس الأماكن التي فيها أولادُ المقتدر مُستَترين، فكُبست، ووُجد أبو العباس وعلي وهارون والعباس وإبراهيم والفضل، فحُمِلوا إلى دار السلطان، وسُلِّموا إلى الحسن بن هارون كاتب بليق، فأحسن إليهم إحسانًا كثيرًا، وكتب لهم أماناتٍ، وكتب القاهرُ عليها خطَّه، وحُمِّلوا نحوًا من ثلاث مئة ألف دينار مُصادرةً.
وكان شَفيع المُقْتَدري قد استَتَر يوم قُتل المقتدر، وكانت بينه وبين أبي القاسم الكلوذاني مَودَّةٌ، فكتب إليه رُقعةً يسأله عَرْضَ حاله على القاهر، ففعل، فوقَّع القاهرُ عليها: يَحضُر آمنًا من مَكروه يَنالُه، ويُصادر امنًا من مَكروه يَلْحقُه، فظهر شفيع، فصادره الكَلْوَذاني على عشرين ألف دينار، فأمضاها القاهر، فقال الحسن بن هارون كاتب بليق: هذا مالٌ قليل، وليس عندنا ما نَدفع به مال البيعة إلا من شفيع وأمثاله.