[و] قال القشيريّ: كان نسيجَ وحده (?) في إسقاط التصنُّع، وهو القائل: لأن ألقَى الله بجميع المعاصي أحبُّ إليَّ من أن ألقَاه بذرَّةٍ من تصنُّع (?).

[وأثنى عليه ابن باكويه، وابن جهضم، وأبو نعيم، وصاحب "المناقب"، وغيرهم]، وكان كثيرَ السياحة، قد كتب على عُكَّازه: [من السريع]

سر في بلاد الله سيَّاحا ... وابك على نفسِكَ نوَّاحَا

وامشِ بنور الله في أرضِه ... كفَى بنورِ الله مِصْباحَا

وهو صاحب واقعةِ الفأرة مع ذي النون، وقد سألَه يعلِّمه الاسمَ الأعظم، وقد ذكرناها (?).

[وحكى في "المناقب" عن أبي حسين الدرَّاج قال: ] (?) خرجتُ من بغداد إلى الرَّيّ قاصدًا زيارة يوسف بن الحسين، [قال: ] فدخلتُ الرَّيّ، فسألتُ عن منزله، فكلُّ من سألتُه عنه يقول: إيش تصنعُ بذلك الزنديق؟ [قال: ] فضيَّقوا صدري، وعزمتُ على أن أنصرفَ ولا أراه، فبتُّ بمسجدٍ، ثم أفكرت وقلت: وصلتُ إلى هنا ولا أراه! فأتيتُه وهو قاعدٌ في محراب مسجده، وبين يديه مصحف وهو يقرأ فيه، فسلَّمتُ عليه، فردَّ وقال: من أين أنت؟ قلت: من بغداد، أتيتُ لزيارة الشيخ، فقال [لي: ] لو قال لك أحدٌ في بعض البلدان: أقم عندي حتَّى أشتريَ لك دارًا وجاريةً، أكان يمنعُك ذلك من زيارتي؟ فقلت: ما امتحنني اللهُ بشيءٍ من ذلك، ثم قال: أتحسنُ أن تقول شيئًا؟ قلت: نعم، فقال: [قل]، فقلت: [من الطويل]

رأيتُك تبني دائبًا في قطيعتي ... ولو كنتَ ذا حَزْمٍ لهدَّمتَ ما تبنِي

فأطبقَ المصحفَ وبكى حتَّى بلَّ ثوبَه ولحيته، فرحمتُه من كثرةِ بكائه، ثمَّ قال: تلومُ أهلَ الرَّيّ إذا قالوا عني: [إني] زنديق، وأنا من وقت صلاة الصبح أقرأ في المصحف، إلى [هذه] الساعة لم تقطر من عيني قطرة، وقد قامت عليَّ القيامة بهذا البيت (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015