ولمَّا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق أبا سفيان راكبًا ومعاويةُ يقودُه وابنُه يزيد بن أبي سفيان قال: وذكر الحديث (?).
وإنَّ أبا سفيان كان يقول: تلقَّفوها [تَلَقُّفَ] الكُرة، فما ثَمَّ جنَّةٌ ولا نارٌ، وكان يقول: ها هنا ذَبَبْنا محمدًا وأصحابَه (?).
وأنزل الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] فإنَّه رأى بني أميَّة يَنْزُون على منبره نَزْوَ القِرَدَة، فساءه ذلك.
وكان الحكم بن أبي العاص يتجسَّس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويَنقل أخبارَه إلى الكفَّار، ورآه يومًا وهو يُحاكي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في مشيته فقال: كن كذلك، فكان.
ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا معاوية، فقيل له: إنَّه يأكل، فقال: "لا أَشْبَعَ [الله] بطنَه" (?)، فما شبع بعدها.
ثمَّ إنَّ معاوية وَثَب على أفضل المسلمين مكانًا، وأقْدَمِهم سابقة، وأحسنِهم أثرًا، أميرِ المؤمنين عليِّ بن أبي طالب، فنازعه حقَّه بباطله، وقاتله بغُواته، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لعمار: "تَقتُلُك الفئةُ الباغية".
وانبرى على هذه الأمَّة، فابْتَزَّهم أمرَهم من غير رِضًى ولا مَشورة، فسفك الدِّماء المحرَّمة، ونهب الأموال، وسبى الحَريم، ومنع من الحقوق أهلَها، وقتل خيارَ الصَّحابة: حُجْر بن عديِّ، وعَمرو بن الحَمِق (?) وأمثالهما، وادَّعى زياد بنَ أبيه بن سميَّةَ الفاجرة جَراءةً على الله، ومخالفةً لرسوله؛ لأنَّ الله تعالى قال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش وللعَاهِرِ الحَجَر" (?).