ودعوتكم إليها، فما تحكَّم هذا الخاطر حتَّى جاء هذا الوحش فبرك بين يديَّ، فخُيِّل لي أنِّي مثل فرعون لمَّا سأل ربَّه فأجرى له النِّيل، قلت: فما يؤمنني أن يُعطيني الله حُظوظي في الدُّنيا، وأبقى فقيرًا يوم القيامة لا شيء لي؟ فذلك الذي أزعجني.

[وقال السُّلمي: ] كان أبو حفص إذا غضب تكلَّم في حُسن الخُلُق حتَّى يَسْكُن غَضَبُه، ثم يرجع إلى حديثه.

[وحكى عنه السُّلمي أيضًا أنه] قال: حرستُ قلبي عشرين سنة، ثمَّ حرسني قلبي عشرين سنة، ثمَّ وردتْ عليَّ وعليه حالةٌ صرنا فيها محروسَين جميعًا (?).

وحكى في "المناقب" عن المرتَعِش قال: دخلنا (?) مع أبي حفص على مريض نعوده ونحن جماعة، فقال للمريض: ما تشتهى؟ فقال: أن أبرأ، فقال أبو حفص لأصحابه: تحمَّلوا عنه، فقام المريض وخرج معنا، وأصبحنا كلُّنا أصحاب فُرُشٍ نُعاد.

[وقال السُّلمي: ] قيل لأبي حفص: مَن الوليّ؟ قال: من أُيِّد بالكرامات وغُيِّب [عنها] (?).

[وحكي عنه في "المناقب" أنه] قال: المعاصي بَريد الكفر، كما أنَّ الحُمَّى بريد الموت (?).

وقيل له: إنَّ فلانًا إذا سمع السَّماع صاح ومزَّق ثيابه، فقال: الغريق يتشبَّث بكلِّ شيءٍ يظنُ أنَّ فيه نَجاتَه.

قال: ولما دخل بغداد قال له الجُنيد: لقد أدَّبتَ أصحابَك أدب السَّلاطين، فقال أبو حفص: حُسنُ الأدبِ في الظَّاهر عنوان حُسنِ الأدبِ في الباطن، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو خشع قلبُ هذا لخشعَتْ جوارحُه" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015