ولمَّا استوطن بُخارى استقدم إلى حَضرته حفَّاظ الحديث، مثل: صالح جَزَرة، ومحمد بن نَصْر المَرْوزي، ونصر بن أحمد، وغيرهم، وسمع من إسحاق بن راهويه وغيره.
ورد بغداد وحدَّث بها، فسمع منه القاضي وكيع، وأبو طالب الحافظ، وابن عُقدة، وغيرهم.
وكان يختلف إلى المحدِّثين فيسمع منهم، ويمشي لطلب الحديث ولا يركب تواضعًا، وبسط يده بالإحسان إلى العلماء فأحبُّوه، وقَدِموا عليه من الآفاق، وكان شديدًا على الطَّاهرية، مائلًا إلى يعقوب الصَّفَّار، وكان قد كلَّم محمد بنَ طاهر لمَّا كان بهَراة بما ساءه، فرفع محمد أمرَه إلى السَّلطان، فاتَّهمه السُّلطان فحبسه ببغداد، فمات في حبسه، فكانوا يرَون أنَّه عُوقب بسبب ما فعل بالبخاريّ (?).
[فصل وفيها توفي]
ابن السَّليل بن ضَبِيس (?)، أبو موسى، الذُّهْلي، الشَّيباني (?)، من ذُهْل بن شَيبان.
غلب على دمشق في أيَّام المهتدي وأوَّلِ أيام المعتمد، وذكره أبو الحسين الرَّازي في أمراء دمشق فقال: غلب على دمشق (?) سنةَ خمسٍ وخمسين ومئتين، وأظهر الخلاف، وأخذ مال الشَّام، وكان يتقلَّد فلسطين والرَّملة والأردنّ، وكان ذلك في وقت اضطراب الأتراك بسامراء، فاغتنم عيسى ذلك، فجمع الرِّجال، ومنع المال، واتَّفق أنَّ ابنَ المدبَّر حمل من مصر سبع مئة ألف دينار وخمسين ألف دينار يريد سامراء، فأخذها عيسى منه، فبعثوا من سامرَّاء حسين الخادم، ومعه الكُريزي وأبو نصر المروزيّ الفقيهان؛ لمطالبته بمال مصر، وبما كان في يده من الأعمال، وبعثوا بعَهْده على أرمينية معهم، فلم يُقرَّ بشيء وقال: استولت النَّفقات على الجميع.