إليه عاملُها وأهلُها، وتلقوه بالإكرام، فأمر العبَّاس بنهْبِهم على غِرَّة، فنُهبوا، وقتل رجالَهم وسبى نساءَهم، وبلغ ذلك إلياسَ بنَ منصور النَّفُوسيَّ رأسَ الإباضيَّة -وهو يومئذ بجبل نَفوسة- فسار إلى العبَّاس في اثني عشر ألفًا، وبعث إبراهيم بنُ أحمد بنِ الأغلب العجليُّ صاحبُ إفريقية جيشًا كثيفًا مع غلامٍ له، فأطبق الجيشان على العبَّاس، فباشر الحربَ بنفسه، فقُتلت صناديدُه، ونُهبت أموالُه، فعاد إلى بَرْقة، فبعث إليه أبوه جيشًا، فهرب أصحابُه، وأسروه، وحملوه إلى أبيه مقيَّدًا، فحبسه، وقتل مَنْ بقي معه من الَّذين أشاروا عليه بالعِصيان (?).
وفيها (?) دخل الزَّنج النُّعمانية، فأحرقوا أسواقَها وأكثرَ منازل أهلها، وقتلوا وسبَوا، ووصلوا إلى جَرْجَرايا، فانهزم أهلُ السَّواد، ودخلوا إلى بغداد، وعاد الزنج إلى مواضعهم.
وفيها ولَّى أبو أحمد الموفَّقُ عمرَو بنَ الليث خُراسان، وكِرْمان، وفارس، وأَصبهان، وسِجِسْتان، والسِّند، وأشهد عليه الشُّهودَ بذلك، وبعث بعهده مع أحمدَ بنِ أبي الأصْبَغ، وبعث معه بالخِلَع.
وحجَّ بالنَّاس هارون بن محمَّد بنِ إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشميُّ (?).
[فصل] وفيها توفي
أبو إسحاق النَّيسابوريُّ، رحل في طلب العلم إلى العراق والشَّام ومصرَ والحجاز، ثمَّ استوطن بغدادَ.
[قال الخطيب: ] واختفى أحمدُ [بن حنبل] في داره أيَّام المحنة، وكان [أحمد] يُثني عليه ويقول: أبو إسحاق أقوى منِّي على العبادة، إنِّي لا أُطيق ما يُطيق، وإنَّ [أبا إسحاق من الأبدال، وفي رواية: إنْ] كان ببغدادَ أحدٌ من الأبدال فإبراهيم (?).