وقال سريٌّ: تطربُ قلوب المحبِّين عند السماع، وتخافُ قلوب المقصِّرين، وتلهبُ قلوبُ المشتاقين (?).
وقال الجنيد: دخلتُ عليه يومًا وهو ينشد [ويقول: ] [من البسيط]
لا فِي النهار ولا فِي الليل لي فَرَجٌ (?) ... فما أبالي أطال الليلُ أم قصرَا
لأنَّني طولَ ليلي هائمٌ دَنِفٌ ... وفي النهارِ أقاسي الهمَّ والفِكرَا
ثم قال: لولا خوفُ الشناعة لصِحتُ، ثم قال: أين شاهد هذا؟ قالوا: لا نعلم، قال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس عند ربكم ليل ولا نهار" (?) فمن كان عند ربِّه فليس فِي ليلٍ ولا نهار.
[قلت: قد فاتَ سريًّا المعنى؛ لأنه من كان عند ربِّه يغيب عن الموجودات، فلا يبقى له رسمٌ، ولا يَعرفُ عكرًا ولا همًّا] (?).
وقال: الفوائدُ ترِدُ فِي ظلماتِ الليل. (?)
وقال الجنيد: قال لي سريٌّ: ما أرى لي فضلًا على أحد، فقلت: ولا على المخنَّثين؟ فقال: ولا على المخنَّثين (?).
[وحكى أيضًا عن الجنيد قال: ] (?) كُنْتُ نائمًا عند سريّ، فأيقظني وهو يبكي، فقلت: ما لك؟ فقال: رأيتُ كأنَّ الله تعالى أوقفني بين يديه وقال: يا سريّ، قلت: لبَّيك، فقال: خلقتُ الخلقَ، فكلُّهم ادَّعوا محبتي، وخلقتُ الدُّنيا، فهربَ مني تسعةُ أعشارهم إليها، وبقي معي العشر، وخلقتُ الجنَّة فذهب (?) إليها تسعةُ أعشار ذلك العشر، وبقيَ معي عشر العشر، وخلقتُ النَّار فذهب إليها تسعةُ أعشار عشر العشر، [فسلَّطت عليهم البلاء،