أذَّن، وهو ينتظرُ من يمرُّ عليه فيصلي معه، فلمَّا رآنا الإمامُ أقامَ الصلاة مبادرًا، فقال له الجمَّاز: دع هذا عنك، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تلقي الجَلَبْ (?).

ودخل الحسينُ بن الضحَّاك الخليع على المتوكِّل فأنشده: [من الطويل]

سقاني بكفَّيه وعينيه شربة ... فأذكرَني ما قد نسيتُ من العهدِ

سقَى اللهُ دهرًا لم أبتْ فيه ليلة ... من الدهر إلَّا من حبيبٍ على وعدِ (?)

فأعطاهُ عشرين ألفًا.

وأهدى رجلٌ للمتوكل قارورة فيها دهن بان، وكتب معها: يا أمير المؤمنين، إنَّ الهديةَ إذا كانت من الحقير إلى الخطير، فكلما لطفت كانت أحسن، وإذا كانت من الخطيرِ إلى الحقير، فكلما جلَّت كانت أبهى وأنفع، فوصلَه بمال.

وقال المتوكل يومًا لأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا: ما يقول ولدُ أبيك في العباس (?)؟ قال: ما تقولون في رجل افترضَ الله طاعةَ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - على خلقه وافترض طاعته على نبيه. فطرب المتوكِّل وأعطاه مئة ألف درهم (?).

وهذا من المعاريض؛ لأنَّ أبا الحسن ورَّى وقصد طاعةَ الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فظن المتوكِّلُ أنَّه عنى به العباس.

وكان المتوكِّل قد أشخصَ أبا الحسن من المدينة لشيءٍ بلغَه عنه، فوجده بريئًا.

وكان المتوكِّلُ فطنًا، أنشدَه يحيى بن أكثم: [من الوافر]

وباسطة بلا نصبٍ جناحًا ... وتسبق ما يطير ولا تطيرُ

إذا ألقمتَها الحجرَ (?) اطمأنَّت ... وتألمُ أن يباشرها الحريرُ

فلم يفهم الحاضرون معناها، فقال المتوكل: هي العين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015