حنقٌ (?) على جلسائِه فكأنَّهم ... حَضرُوا لملحمةٍ ويوم جلادِ
وكأنَّه من ديرِ جنّة مقبلٌ (?) ... حَرِدٌ يَجرُّ سلاسلَ الأقياد
ثم قال المأمون: أبو عبَّاد جاهلٌ حقود، وأنا أعفو وأصفح.
وكان دعبلُ من شيعةِ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقصيدتُه التائيَّة من أفخر الشعر وأحسن المديح. [قال دعبل: قصدتُ بها أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا، وهو بخراسان]، (?) وهو وليُّ عهد المأمون، فدخلتُ عليه فقرَّبني وأدناني، فقلت له: يا أبا الحسن قد نظمتُ فيكم أهلَ البيت قصيدة، وآليتُ على نفسي أن لا أنشدَها لأحدٍ قبلَك، فجمعَ أهله ومواليه وقال: قل على خيرةِ الله تعالى، فقلت: [من الطويل]
مدارسُ آياتٍ خَلت من تلاوةٍ ... ومهبطُ وحي موحشُ العَرصاتِ
لآلِ رسولِ الله بالخيفِ من منى ... وبالبيتِ والتَّعريفِ والحجراتِ (?)
ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ ... وحمزةَ والسجَّاد ذي الثَّفِنَاتِ (?)
ودارٌ لعبد الله والفضل صِنْوُه ... ودارُ عبيدِ الله ذي الدَّعواتِ
ديارٌ عفاها جورُ كلِّ منابذٍ ... ولم تَعفُ بالأيام والسنواتِ
قِفا نسأل الدارَ التي خَفَّ أهلُها ... متى عهدُها بالصومِ والصلواتِ
وأين الأُلى شَطَّت بهم غربةُ النَّوى ... أفانينَ في الأطرافِ مفترقاتِ
همُ أهلُ ميراثِ النبيِّ إذا اعتزَوا ... وهم خيرُ ساداتٍ وخيرُ حماةِ
قبورٌ بكُوفانٍ وأخرى بطيبةٍ ... وأخرى بفخٍ نالها صلواتِ
وقبرٌ بأرض الجُوزَجان محفُه ... وقبرٌ بباخَمْرى لذي القربات (?)
وقبرٌ ببغدادٍ لنفسٍ زكيَّةٍ ... تضمَّنَها الرحمنُ في الغُرُفاتِ