الليل: قد رأينَا أبا سليمان، وتعبَّدنا معه، [ما] رأينا من يقوم من أول الليل، فقالت: سبحان الله، [مثلك] (?) يتكلَّم بهذا، أنا أقومُ إذا نوديت.
[وحكى أبو نعيم عن سريٍّ السقطيّ قال: ] (?) قدمتُ الشام، فدخلتُ على أحمد بن أبي الحواري المسجدَ، فسلَّمتُ عليه وقلت: عظني وأوجز، فقال: ما أُحسِن، ولكن سر إلى المنزل، ففيه من يُحْسِن، [قال: ] فخرجتُ أطلبُ منزله، وإذا براهبٍ كبيرٍ خلفَه راهبٌ صغير، فقلت للصغير: لم تتبع هذا؟ قال: لأنه طبيبي يسقيني الدواء، [قال: ] فوردَ من كلامه على قلبي شيءٌ لا أعقله، فجئتُ إلى منزل أحمد فطرقت الباب، فكلَّمتني امرأته (?) من وراء حجاب، فذكرتُ لها قول الراهب، [قال: ] فقالت: يا ليت شعري، أيَّ دواء يسقيه؛ دواء الإفاقة أم دواء الراحة؟ فقلتُ: بيِّني ما تقولين، فقالت: أمَّا دواء الإفاقة فالكفُّ عن محارم الله عزَّ وجلَّ، وأمَّا دواءُ الراحة فالرضى عن الله تعالى، قال سريّ: فوالله ما خرجَ كلامها من قلبي أبدًا (?).
وقال أحمد: سمعتُ رايعة تقول: ما رأيتُ ثلجًا إلا ذكرتُ به تطايرَ الصحف، ولا جرادًا إلا ذكرتُ به الحشر، ولا سمعتُ أذانًا إلا ذكرتُ به منادي يوم القيامة.
قال: ودفعت إليَّ يومًا خمسة آلاف درهم، وقالت: تزوَّج بهذه أو تسرَّى، فإنِّي مشغولة عنك.
[قال: ] وكانت تطبخُ الطعام وتقول: كُلِ اللحمَ، فإنَّك حديثُ عهدٍ بعرس، وتحتاجُ إليه، وكان لأحمد أربعة نسوة.
قال أحمد: وكان لها أحوالٌ، ففي حالةِ غلبَ عليها الحبُّ تقول: [من الوافر]
حبيبٌ ليس يعدلُه حبيبُ ... وما لسواه في قلبي نصيبُ