ما خرجتُ من عنده قطُّ فقال: يا غلام خذ بيده، بل يقول: اخرج معه (?).

وقال أبو العيناء: قلتُ له يومًا: إنَّ قومًا تظاهروا عليَّ، فقال أحمد: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} (?) [الفتح: 10]، فقلت: أنا وحدي، وهم عددٌ كثير، قال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249]، قلت: فإنَّهم قد مكروا بي، فقال: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]. فحدَّثت أحمد بن يوسف الكاتب بذلك، فقال: ما ترى ابن أبي دؤاد إلَّا أن القرآن أُنزِلَ عليه.

وقد مدحَ أحمدَ خلقٌ كثير لا يحصون، وكان يجيزُهم مثلَ جوائز الملوك قال أبو تمام وقد شرب أحمد دواءً: [من المنسرح]

أعقبَك الله صحَّة البدنِ ... ما هتفَ الهاتفانِ في الغُصُنِ

لا نزعَ الله عنكَ صالحةً ... أَبليتَها من بلائك الحسنِ

إنَّ بقاءَ الجوادِ أحمد في ... أعناقنا منَّةٌ من المِنَنِ

لو أنَّ أعمارَنا تطاوعُنا ... شاطرَهُ العُمرَ سادةُ اليمنِ (?)

وقال أبو تمَّام أيضًا: [من الوافر]

لقد أنسَتْ مساوئَ كلِّ دهرٍ ... محاسنُ أحمدَ بنِ أبي دؤادِ

مقيمُ الظنِّ عندكَ والأماني ... وإن قَلِقَت (?) ركابيَ في البلادَ

وقال له أحمد: أظنُّك يا أبا تمام عاتبًا، فقال: إنَّما يعتبُ الإنسانُ على واحد، وأنت كلُّ الناس، فقال: من أين هذا؟ قال: من قول الحاذق -يعني أبا نواس-: [من السريع]

وليسَ لله بمسنتكر ... أنْ يجمعَ العالمَ في واحدِ (?)

وقال له الواثقُ: يا أبا عبدِ الله بلغني أنَّك أعطيتَ شاعرًا ألف دينار -يعني أبا تمام-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015