[قال: و] ولي القضاءَ للمأمون والمعتصم والواثق والمتوكِّل، وكان له عندهم منزلةٌ عظيمةٌ.

[قال عليُّ بن الحسين الإسكافي: ] مرض [أحمد بن أبي دؤاد]، فعاده المعتصم، [ولم يكن يعود أحدًا من أهل بيته ولا غيرهم، ] وقال له: شفاك الله يا أبا عبد الله، فقال [له: ] يا أمير المؤمنين قد شفاني الله بالنظر إليك، فقال له [المعتصم: قد نذرتُ إنْ عُوفيتَ لأتصدقَنَّ بعشرة آلاف دينار، فقال: ] يا أمير المؤمنين، [اجعلها] في أهل الحرمين، فقال [المعتصم: ] إنَّما نذرتُ أن أتصدَّق بها ها هنا، وأنا أطلق لأهل الحرمين مثلها، فقال: أنتَ كما قال النَّمَريُّ لأبيك: [من البسيط]

إنَّ المكارمَ والمعروفَ أوديةٌ ... أحلَّكَ الله منها حيثُ تجتمعُ

من لم يكن بأمينِ الله معتصمًا ... فليسَ بالصلوات الخمس ينتفعُ (?)

فلمَّا خرجَ المعتصمُ من عنده قيل له: أتعودُه وما عدتَ أحدًا قبله؟ ! فقال: كيف لا أعود رجلًا ما وقعت عيني عليه إلا ساق إليَّ أجرًا، أو أوجب لي شكرًا، أو أفادني فائدةً تنفعُني في الدنيا و [في] الآخرة، وما سألَني لنفسه حاجةً قط (?).

وقال أحمد يومًا لرجل: أما تعرفني؟ فقال: لا ولا أنكرك، قال: انقطعَ شسعُ نعلي يومًا فأصلحتَه، والله لأُصلحنَّ حالك، فأعطاهُ خمس مئة دينار، وقال له: زرني كلَّ وقت (?).

وكان رجلٌ من أولاد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يؤذي ابنَ أبي دؤاد ويشتمُه دائمًا في وجهه، فعرَضت للرجل حاجةٌ إلى المعتصم، فجاء إلى محمد بن عبد الملك الزيَّات، فدفع إليه ورقة يقدِّمُها إلى المعتصم، قال ابن الزيَّات: فاغتنمتُ غيبةَ ابن أبي دؤاد وعرضتُ القصَّة، ودخل ابنُ أبي دؤاد والقصَّة في يد المعتصم، فدفعَها إليه، فرأى اسم الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّما هي حاجةُ عمر بن الخطاب، ولابدَّ من قضائها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015