فشكا إليه ضائقةً، فأرسل إليه بمئة ألفِ درهم (?).

وجاء رجلٌ يستشفعُ به في حاجةٍ، فقضاها، فأقبلَ يشكره، فقال: علام تشكرُنا؟ !

ونحن نرى للجاه زكاةً كما للمال، ثم أنشد: [من الكامل]

فُرِضتْ عليَّ زكاةُ ما ملكتْ يدي ... وزكاةُ جاهي أنْ أُعين وأشْفَعا

فإذا مَلَكْتَ فجُد وإنْ لم تستطعْ ... فاجهد بوسعك كُلِّه أنْ تنفعَا (?)

وكان للحسن سقَّاءٌ يسقي له الماء، فرآه يومًا يمرُّ في داره، فسأله عن حاله، فشكا إليه ضائقة، وذكرَ أنَّ له بنتًا يريد أن يزوِّجها، فأخذ يوقع له بألفِ درهم، فوقَّع له بألفِ ألف درهم (?)، فأتى بها السقاء إلى وكيله، فوقفَ عليها، فاستعظم ذلك، وقال له: ويحك تدري بكم وقع لك؟ ! قال: بألف درهم، قال: ويحك إنَّها ألف ألف درهم، فخاف السقاء وقال: أعاوده، فكتب إليه وكيلُه: {إن الله لا يحب المسرفين}، فكتب إليه: جَرى القلم بما فيه، وليس في الخير إسراف، ولا أرجعُ عن شيءٍ كتبتهُ بيدي، فصالحَ الوكيلُ السقَّاء على مئة ألف درهم، ولم يعلم الحسن (?).

توفي الحسن يوم الخميس لخمسٍ خلون من ذي القعدة، وكان سبب موته أنَّه شرب دواءً فأفرط عمله، فمات وقت الظهر، وله ستون سنة -وقيل: سبعون- بسامراء، فأمرَ المتوكِّل بتجهيزه من خزانته، فلمَّا وضِعَ على سريره تعلَّق به جماعةٌ من التجَّار غرماء الحسن، ومنعوا من دفنه، فتوسَّط أمرهم يحيى بن خاقان وإبراهيم بن عتَّاب وبرغوث، فقطعوا أمرهم، فدفن، فلمَّا كان من الغد وردَ كتاب من بغداد على البريد بوفاة إسحاق بن إبراهيم (?) المصعبي بعد الظهر من يوم الخميس لخمسٍ خلونَ من ذي القعدة، فجزع عليه المتوكل جزعًا شديدًا، وقال: سبحان الله، كيف توافت منيَّةُ إسحاق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015