المتوكل وقال: يا محمد (?)، ما الذي دعاك إلى ما صنعت؟ قال: يا أمير المؤمنين الشقوة، وأنتَ الحبلُ الممدودُ بين الله وبين خلقه، وإنَّ لي فيك لظنَّين، أسبقُهما إلى قلبي أولاهُما بك، وهو العفو، ثم اندفع وقال: [من الطويل]
أبى الناس إلَّا أنَّك اليومَ قاتلي ... إمامَ الهدى والصفحُ في الله أجملُ
وهل أنا إلا جُبلةٌ من خطيَّةٍ ... وعفوكَ من نورِ النبوَّةِ يُجبلُ
وإنَّك خيرُ السابقين إلى العلا ... ولا شكَّ أَنْ خيرَ الفعَالين تفعلُ
وكان عليُّ بن الجهم حاضرًا، فقال يا أمير المؤمنين إنَّ معه أدبًا (?)، فليفعلْ أميرُ المؤمنين خيرَهما، ويمنّ عليه، فقال: قد عفوتُ عنك، فأطلقه.
وقيل: إنَّ المعتز شَفِعَ فيه، فوهبَه له، وكان ابنُ البعيث حين هرب قال: [من البسيط]
كم [قد] قضيتُ أمورًا كان أهملَها ... غيري وقد أخذَ الإفلاسُ بالكَظَمِ
لا تعذلينيَ ممَّا ليس ينفعُني ... إليكِ عنِّي جَرى المقدورُ بالقلمِ
سأُتلِفُ المال في عسرٍ وفي يسر ... إنَّ الجوادَ الذي يعطي على العَدَمِ
وقيل: لما أُخِذَ جُعِلَ في عنقهِ مئةُ رطلٍ من الحديد، فلم يزلْ مكبوبًا على وجههِ حتى مات (?). والأوَّلُ أشهر (?).
وفيها أمرَ المتوكِّلُ بأخذ أهل الذمَّةِ من النصارى واليهود بلبس الطيالسة العسليَّة، والزنانير، وركوب السروج بركب الخشب، وتكون السروجُ كهيئة الأُكُف، وعلى رؤوسهم القلانسُ المختلفة الألوان، وأن تخيَّطَ الرقاعُ على صدورهم وظهورهم [وكلٌّ منهم في صدره رقعة وفي ظهره رقعة]، كلُّ رقعة قدرُ أربعة أصابع، ولونُها عسلي، وكذا عمائمُهم، وأُزُرُ نسائهم عسلية، [ليعرفن، ] وأمر بهدم بيعهم المحدثة، وأخذ العشر من منازلهم، وإن كانت واسعةً صُيِّر ذلك مسجدًا، وأمر أن يجعلَ على أبواب