عليكَ سلامُ الله وَقْفًا فإنَّني ... رأيت الكريمَ الحرَّ ليس له عُمْرُ
وما ماتَ حتَّى ماتَ مَضْرِبُ سيفه ... من الضَّرب واعتلَّتْ عليه القَنا السُّمْرُ
وقد كان فوتُ الموتِ سهلًا فردَّهُ ... إليه الحِفاظُ المُرُّ والخُلُقُ الوَعْرُ
غدا غدوةً الموت (?) نسجُ ردائه ... فلم ينصرفْ إلَّا وأكفانُه الأَجرُ
كأنَّ بني نبهانَ يومَ وفاته ... نجومُ سماءٍ خَرَّ من بينها البَدْرُ
يُعَزَّوْنَ عن ثاوٍ يُعزَّى به العُلى ... ويبكي عليه الجود والبأس والشِّعرُ (?)
فقال أبو دلف: والله لودِدْتُ أنَّها قيلت فيَّ، فقال أبو تمَّام: لا بل أفدي بنفسي الأمير، وأكونُ المقدَّم قبلَه، فقال أبو دُلَف: إنَّه لم يمتْ من رُثِي بمثل هذا الشعر.
ودخل أبو تمَّام على الحسن بن رجاء مادحًا له فأنشده: [من الكامل]
عادتْ له أيَّامُه مُسوَدَّةً ... حتَّى توهَّم أنَّهنَ ليالي
أضحى سَمِيُّ أبيكَ فيه مُصَدَّقًا ... بأجلِّ فائدةٍ وأيمنِ فالِ
ورأيتَني فسألتَ نفسَك سَيبَها ... لي ثُمَّ جُدْتَ وما انتظرتَ سؤالي
كالغيثِ ليس له أُريدَ غمامُه ... أو لم يُرَدْ بدٌّ من التَّهطالِ
لا تُنْكِري عَطَلَ الكريمِ من الغِنَى ... فالسيلُ حَربٌ للمكانِ العالي
وترقَّبي (?) خَبَبَ الرِّكابِ يَنُصُّها ... محيي القريضِ إلى مميتِ المالِ
بسطَ الرجاءَ لنا برغمِ نوائبٍ ... كَثُرتْ بهنَّ مَصَارعُ الآمالِ
فقام الحسن قائمًا وقال: واللهِ لا أتممتَها إلَّا وأنا قائمٌ، فأتمَّها وهو قائم، فقال له الحسن: ما أحسن ما جَلوتَ هذه العروس، فقال أبو تمام: لو كانتْ من الحورِ العين لكان قيامُك لها أوفى مَهرها، فأعطاهُ الحسنُ عشرينَ ألفًا، على بخلٍ كان فيه.
وقال يحيى بن أبي عبَّاد: شهدتُ أبا تمام وهو ينشدُ إبراهيم بن المعتصم (?) قصيدتَه