[وحكى الفتح بن شَخْرف عن عمرَ ابن أخت بشر قال: ] (?) سمعتُ خالي بشرًا يقول لأمي: جوفي وجعٌ، وخواصري تضربُ علي من الجوع، فقالت: ائذن لي أن أصلح لك حساءً من دقيق تتحسَّاهُ يَرُمُّ جوفَك، فقال: ويحك، أخافُ أن يقول لي: من أين لك هذا الدقيق؟ فلا أدري ما أقول، [قال: ] فبكت أمِّي وبكى معها وبكيتُ معهما.
قال: ورأت أمِّي ليلةً ما به من شدَّةِ الجوع، وجعل يتنقسُ نفسًا ضعيفًا، فقالت له أمي: يا أخي، ليتَ أقَكَ لم تلدني، فقد والله تقطَّع كبدي ممَّا أرى بك، فقال لها: وأنا فليتَ أمَّكِ لم تلدني، وإذ قد ولدتني لم يَدِرَّ لها عليَّ ثدي. [قال عمر: ] وكانت أمي تبكي عليه الليلَ والنهار (?).
[وحكى الخطيب عن زُبدة أختِ بشر قالت: ] (?) دخل على بشرٌ ليلةً، فوضعَ إحدى رجليه داخل الدار والأخرى من خارج، فلم يزل كذلك إلى الصبح، فقلت له في ذلك، فقال: تفكَّرت في بشرٍ النصرانيّ، وبشر اليهوديّ، وبشر المجوسيّ، وفي اسمي، فقلت: ويحك! ما الذي سبق لكَ حتى خصَّك الله [بالإسلام]، فتفكَّرتُ في هذه السابقة والخاتمة، فحمدتُ الله حيث جعلني من خاصَّته، وألبسني لباس أحبائه (?).
قال الخطيب: وكان يبكي حتى ذهبت أشفارُ عينيه من البكاء، ويقول: ليتَ لا يكون حظِّي من الله قول الناس: بشر بشر (?).
[وحَكى في "المناقب" قال: ] مرَّ يومًا على بعض الناس فقال: هذا رجلٌ لا ينامُ الليل، ولا يفطرُ إلَّا في كلِّ ثلاثة أيَّام مرَّة، فبكى بشر وقال: إنِّي لا أذكرُ أنِّي سهرتُ ليلةً كاملة، ولا صمتُ يومًا لم أفطر في ليلته، ولكنَّ الله يلقي في القلوب أكثرَ ممَّا يفعلُه العبدُ لطفًا منه وكرمًا (?).