أولئك قومي بعد عزٍّ وثروةٍ ... تفانَوا فإلَّا أَذرف الدمع (?) أَكْمَدِ
فقار له المأمون: يا ابنَ الفاعلة، لم تجدْ وقتًا تذكر فيه مواليك إلَّا هذا الوقت! وسخط عليه [أيامًا] (?) ثم رضي عنه (?). فأحضره ومعه مُخارق، فقال لمخارق: غَنِّ، فقال -والأبياتُ لجرير-: [من البسيط]
لمَّا تذكَّرتُ بالدَّيرينِ أَرَّقني ... صوتُ الدَّجاجِ وقَرعٌ بالنَّواقيسِ
فقلتُ للرَّكب إذ جدُّوا الرحيلَ بنا ... يا بُعدَ يَبْرِينَ من باب الفَراديس (?)
فقال لعلُّويه: غَنِّ، فقال: [من الكامل]
الحَينُ ساق إلى دمشقَ وما ... كانتْ دمشقُ لأَهلنا وطنا (?)
فضرب [المأمونُ] (?) الأرضَ بالقَدَح فكسره، وقال: هذا واللهِ آخرُ عهدي بالعراق (?)، لا عُدْتُ إليه أبدًا، فكان كما قال.
وقال محمدُ بن حامد: حضرتُ مجلسَ المأمون، [فغنَّت عَرِيب:
كحاشية البُرد اليماني المسهَّمِ (?)
فأنكر المأمونُ كونَها لم تذكر أوَّل البيت، وهو للنابغة:
رمى ضَرْعَ نابٍ فاستمرَّ بطعنةٍ ... كحاشيةِ البُرد ............. ]
فقال المأمون: مَن أشار منكم إلى عَرِيبٍ بشيء؟ فسكتوا، فقال: برئتُ من هارونَ لئن لم أُصدَق عن هذا الأمر، لأُعاقبنَّ عليه بالضرب الوجيع، ولئن صَدَقني لأُبلغنَّه أَملَه، فقلت: أنا أشرتُ إليها بقُبلة، فقالط: الآن جاء الحقّ، أَتحبُّ أن أزوِّجَك إياها؟