فلا هو في (?) الدُّنيا مُضِيعٌ نصيبَه ... ولا عَرَضُ الدنيا عن الدِّين شاغلُهْ
وكتب العباسُ الهَمْداني إلى المأمون في يوم نَيروزَ وقد أهدى الناسُ فنونَ الطُّرَفِ واللَّطائف: [من مجزوء الكامل]
أهدى لك الناسُ المرا ... كبَ والوصائفَ والذَّهبْ
وهديَّتي جَزْلُ القصا ... ئدِ والمدائحِ والخُطَب
فاسلمْ سلمتَ على الزَّما ... نِ من الحوادث والعَطَب (?)
فأمر المأمونُ بأن يُحملَ إليه جميعُ ما أُهدي إليه في ذلك اليوم، وقال: نِعْمَ ما أَهدى إلينا.
وخرج المأمونُ في يوم عيدٍ إلى الصلاة وإلى جانبه يحيى بنُ أكثم، فإذا بغلامٍ مستحسَن يَخطِر في ثوبٍ موشًّى، فقال له: يا يحيى ما تقول في هذه البِضاعة؟ فغضب يحيى وقال: يَقبحُ بإمام مثلِك يقول هذا لفقيهٍ مثلي، فقال المأمون: فمن الَّذي يقول: [من المنسرح]
قاضٍ يرى الحدَّ في الزِّناء ولا ... يرى على مَن يَلوط من باسِ
فقال يحيى: الفاجرُ أحمدُ بن أبي نُعيمٍ (?) الَّذي يقول:
لا أَحسَبُ الجَورَ ينقضي وعلى الـ ... أُمَّةِ والٍ من آل عبَّاسِ
فأطرق المأمونُ خَجَلًا وقال: يُنْفى ابنُ أبي نُعيمٍ إلى السِّند.
قال المصنِّف رحمه الله: هذان البيتان من جُملة أبيات، أوَّلها:
أَنطقني الدهرُ بعد إِخراسِ ... لنائباتٍ أَطَلنَ وسواسي
يا بؤسَ للدَّهر لا يزال كما ... يرفع ناسًا يحطُّ من ناسِ
لا أَفلحت أمَّةٌ وحُقَّ لها ... بطول نَكسٍ وعُظْمِ (?) إِتعاس