قال: لا والله، قال: أَفتعرفني؟ قال: إي والله، قال: فمن أنا؟ قال: لا أدري والله، فضحك المأمونُ حتى انثنى عن دابَّته وقال: عليك لعائنُ الله، قال: تَتْرى إن شاء الله، فضحك المأمونُ حتى كاد يقع من دابَّته، وأمر له بخمسين ألفًا.
وقال [الصُّولي: قال الجاحظ: قال] ثُمامة: دخلتُ على صديقٍ لي أعوده وتركتُ حماري على الباب، فخرجتُ وإذا فوقه صبيّ، فقلت: ما هذا؟ قال: حفظتُه لك، قلت: لو ذهب كان أعجبَ إليَّ، قال: فاحْسبه قد ذَهَبَ وهَبْه لي وارْبَح شكري، قال: فلم أدرِ ما أقول.
[وحكى الصوليُّ عن سَلَّام الأبرش قال: ] (?) غضب الرشيدُ على ثمامةَ، وأمرني أن أَحبسَه في بيتٍ فيه ثقب، [وأنزل فيه هنا، ففعلت، قال: ] (?) فجلس سلامٌ ليلةً يقرأ في المصحف، فقرأ: {وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)} [بفتح الذال، فقال ثُمامة: {لِلْمُكَذِّبِينَ}] بكسر الذال، وهم الذين كذَّبوا الرُّسل، والمكذَّبون هم الرسل، وجعل يشرحه، فقال له سلَّام: قد قيل لي إنَّك زنديقٌ، ولم أقبل. ثم ضيَّق عليه أشدَّ الضيق وسدَّ الطاقة، ثم رضي الرشيدُ عن ثمامةَ وجالسه، ثم قال [الرشيدُ] ليلة: مَن أسوأُ الناسِ حالًا؟ فقال كلُّ واحدٍ شيئًا، فقال ثمامة: أسوأُ الناسِ حالًا عاقلٌ يجري عليه حكمُ جاهل، فغضب الرشيدُ وتغيَّر وجهه، فقال ثمامة: يا أميرَ المؤمنين، ما أظنُّك وقفتَ على ما أردت، قال: فاشرح لي، قال. يا أمير المؤمنين، قصَّتي مع سلَّامٍ كذا وكذا، فجعل يضحك حتى استلقى، وقال: واللهِ لقد صدقت.
و[حكى عنه محمدُ بن يزيدَ النحويُّ] (?) قال: خرجتُ من البصرة أُريد المأمون، فلمَّا وصلت إلى دَير هِرَقْل دخلتُه، فإذا مجنونٌ مشدودٌ بسلسلة، فقال: ما اسمُك؟ قلت: ثُمامة، قال: المتكلِّم؟ قلت: نعم، قال: أَخبِرني متى يجد القائمُ لذَّةَ النوم، إن قلتَ: قبل أن ينام، أَحلتَ؛ لأنَّه يقظان، وإن قلت: في حالة النَّوم، أَبطلت؛ لأنَّه لا يعقل، وإن قلت: بعد يقظته، أخطأت؛ لأنَّه لا يوجد الشيءُ بعد فقده [قال: ] فواللهِ ما