ما الحبُّ إلا هكذا ... إنْ نكح الحبّ فسدْ (?)
قلت: أما نحن، فالعشقُ عندنا أن يقعدَ بين رجلَيها ويُجهدَ نفسَه، فقالت: ما هذا عاشق، هذا طالبُ وَلَد.
وقال: رأيت جاريةً بالطواف كأنَّها مَهاةُ رَمْلٍ، فجعلتُ أَنظر إليها وأملأ عيني من محاسنها، فقالت: [من الطويل]
وكنتَ متى أرسلتَ طَرْفَك رائدًا ... لقلبك يومًا أَتعبتْك المناظرُ
رأيتَ الذي لا كلُّه أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر (?)
وقال: رأيتُ بالرَّبَذة جاريةً متبرقعة وهي تقول: يا معاشرَ الحجيج، نفرٌ من هُذَيل، ذهب بنعمتهم السَّيل، وضرمت بهم الأيام، حتى ما بهم نُجعة (?)، ولا لهم قعدة، فمن يراقب منهم الدارَ الآخرة، ويعرف لهم حقَّ الآصرة؟ فقلنا: هل قلتِ في ذلك شيئًا؟ قالت؟ نعم: [من الكامل]
كفُّ الزمانِ توسَّدتْنا عَنوةً ... شلَّت أناملُها عن الأعرابِ
قومٌ إذا حلَّ العُفاةُ ببابهمْ ... أَلقَوا نوافلَهم بغير حساب
فقلنا: لو مَتَّعتينا بالنظر إلى وجهك، فكشفَت البُرقعَ عن وجهٍ لا تهتدي العقولُ بوصفه، فبُهتنا، فقالت: [من الكامل]
الدَّهرُ أبدى صفحةً قد صانها ... أَبوايَ قبل تمرُّسِ الأيام
فتمتَّعوا بعيونكم في حُسنها ... وانهَوا جوارحَكم عن الآثام (?)
وقال: سمعت أعرابيةً تودِّع ابنها وتقول: كان اللهُ صاحبَك في سفرك، وخليفتَك في أهلك، وتولَّى نُجحَ طِلْبتك، امضِ مصاحَبًا مكلوءًا، لا شمَّت اللهُ بك عدوًّا، ولا أراني فيك سوءًا.
وقال: مات لأعرابيٍّ ولد، فقال: اللهمَّ إني وهبتُ له ما قصَّر فيه من بِرِّي، فهَبْ له