أبو محمَّد (?)، الباهليُّ البَصْرِيّ. ولي بعضَ أعمالِ خُراسان، ثم قدم بغدادَ وحدَّث بها، وكان عالمًا بالحديث والعربية، إلَّا أنَّه كان لا يبذل نفسَه للنَّاس.
وقال: خرجت إلى مكةَ ومعي قِبَاب، فدخلنا البادية، فمررت بأعرابيٍّ محتَبٍ على باب خيمةٍ له وهو يرمقُ القباب، فسلّمت عليه، فقال: لمن هذه القِباب؟ قلت: لرجلٍ من باهلة، فقال: ما أظنُّ الله يعطي باهليًّا هذا كله. فلما رأيتُ إزراءَه (?) على باهلةَ قلت له: يَا أعرابي، أتحبُّ أن تكونَ لك هذه القبابُ وأنت من باهلة؟ قال: لا ها اللهِ ذا، فقلت: أتحبُّ أن تكونَ أميرَ المُؤْمنين وأنت رجلٌ من باهلة؟ فقال: لا ها اللهِ ذا، فقلت: أتحبُّ أن تكونَ من أهل الجنة [وأنت رجل من باهلة؟ فقال: بشرط، قلت: وما ذاك الشرط؟ قال: لا يعلم أهلُ الجنة] (?) أني باهلي؟ فرميتُ إليه بصُرَّة فيها دراهم، فأخذها وقال: لقد وافقتْ مني حاجةً إن لم تكن من رجلٍ من باهلة، فقلت: أنا من باهلة، فرمى بها إليَّ وقال: لا حاجةَ لي فيها، فقلت: قد ذكرتَ من نفسك حاجةً تجدها، فقلت: لا أحبُّ أن ألقى اللهَ ولباهليٍّ عندي يَدٌ. فانصرفت، فلمَّا قدمتُ على المأمون حدَّثته، فضحك حتَّى استلقى على قفاه، وقال: يَا أَبا محمَّد، ما أَصبرَك. وأمر لي بمئة ألفِ درهم.
تُوفِّي سعيدٌ ببغداد، وسمع عبدَ الله بنَ عونٍ وطبقتَه، ومن روايته: أنَّ القاسم بن محمدِ بن أبي بكرٍ الصَّدِّيق - رضي الله عنه - كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لأبي محمدٍ ذنبَه في عثمانَ بن عفان.
وباهلةُ قبيلة من قَيس عَيلان (?)، وهو في الأصل اسمُ امرأةٍ من هَمْدان، كانت تحت