وقال كُلثوم بن ثابت -وكان على بريد المأمونِ بخُراسان-: لمَّا انقضت من ولاية طاهرٍ [بخُراسان] سنتان ودخلت عليه [سنة] (?) سبعٍ ومئتين، حضرتُ يومَ الجمعة، فصعد المنبرَ وخطب، فلمَّا بلغ إلى ذِكر الخليفة، أمسك عن الدعاءِ له وقال: اللهم أَصلحْ أمَّةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بما أصلحتَ به أولياءك، واكفِها مؤنةَ مَن بغى عليها، واحقِنْ دماءها، وأَصلح ذاتَ البين [فلمَّا نزل] قلت له: ما هذا! أين الدعاءُ لأمير المؤمنين؟ ! قال: سهوت. فلما كان في الجُمُعة الأخرى فَعَلَ ذلك، فكتبت إلى المأمون [بذلك] فلمَّا كان بعد العصرِ من ذلك اليوم، دعاني طاهرٌ وقد حدث حادثٌ في جفن عينه، فخرجتُ من عنده، فدعاني ابنُه طلحةُ فقال: هل كتبتَ إلى المأمون بما كان؟ قلت: نعم، قال: فإنَّه قد مات، خذ هذه خممس مئة ألفِ درهم واكتب إلى المأمون بوفاته [وبقيامي بأمر الجيش] فكتبت، فوردت الخريطةُ على المأمون غُدوة بخلعه، فدعا ابنَ أبي خالدٍ وصاح عليه وقال: أنت الَّذي أفلتَّه من يدي، والله لئن لم تأتني به لَأَسوءنَّ عُقباك، فخرج من يومه، ثم جاء الخبر بوفاته ليلًا، فدعا ابنَ أبي خالد وقال: مَن ترى نولِّي مكانَه؟ قال: ابنُه طلحة.
ولمَّا وقف المأمونُ على وفاته قال: لليدين والفم (?)، الحمدُ لله الَّذي قدَّمه وأخَّرنا.
واختلفوا في سبب وفاتِه، فقيل: خرج في جَفنه بَثرةٌ فمات. وقيل: أصابته حمًّى شديدة فأحرقته. وقيل: وُجد ملفوفًا في دُواج (?) ميِّتًا ورأسُه مشدود -وكذا رِجلاه- على الدُّواج. وكانت وفاته بمروَ في جُمادى الأولَى، وقيل: الآخرة.
و[اختلفوا فيمن] (?) ولَّى المأمونُ [بعده على قولين أحدهما: ] ابنُه طلحة، فأقام واليًا على خُراسانَ سبعَ سنين، وكان يتولَّى حربَ بَابَك، فأقام بالدِّينَور وجهَّز إليه الجيوش، ولمَّا مات طلحة، بعث المأمونُ بيحيى بنِ أكثمَ إلى عبد الله بنِ طاهرٍ يعزِّيه على أخيه ويهنِّئه بولاية خُراسان.