بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد لله الواحد القديم المنَّان، الماجد العظيم الدتان، الدائم لا إلى حدٍّ وأوان، القائم وكلُّ مَن عليها فان، الواجبِ الوجود وما سواه جائز الإمكان، كتب بأقلام الأحكام في ألواح الأرواح آياتِ التوحيد والإيمان, وأوقد قناديلَ القلوب بمصابيح التوفيق والامتنان، واختصَّ من شاء من خلقه بتكميل العقول وتصفية الأذهان، وبعث الرسل بالدلائل الواضحة والبرهان، لئلا يكون للناس على الله حجةٌ بعد النبيين المبعوثين في كل عصر وأوان، ووعد وأوعدَ ولا بدَّ من وفاء الضمان، وعدًا عليه حقًّا في التوراة والإنجيل والقرآن، أحمده إذ أنعم وصان، عددَ الأوراق والأغصان، وأُصَلِّي على رسوله محمَّد المبعوث إلى الإنس والجان، الذي ضُربت أطناب سُرادقات نصره في بيداء الدنيا، فانشقَّ من هيبته الإيوان، فصلى الله عليه صلاةً مقرونة بالرضا والرضوان، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ما حدَّق إنسانُ إنسان، وسلم تسليمًا كثيرًا يدوم بدوام الأزمان.
فصل
وبعد فإن الفطر السليمة، والفكرَ المستقيمة، تستشرف إلى معرفة البدايات، وتشرئبَّ إلى إدراك المنشآت، ومَن تدبَّر مجاريَ الأقدار، ومبادي (?) الليل والنهار، صار كأنه عاصَر تلك العصور، وباشر تلك الأمور، وإليه وقعت الإشارة الإلهية، والأمارة الربَّانية، إلى مَن رَبَا نيَّةً (?) بقوله تعالى وهو أصدق القائلين: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} [هود: 120].