وقد أثنى الأئمة على الشافعي رحمه الله، قال الخطيب (?): الإمامُ الشافعي زينُ الفقهاءِ وتاجُ العلماء، ولد بغزَّةَ سنةَ خمسين ومئة. وقيل: بعسقلان. وقيل: باليمن، ثم حُمل إلى مكَّة، فنشأ بها، وكتب العلمَ بمدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدم بغدادَ مرتين، وحدَّث بها، وسمَّوه فيها ناصرَ الحديث [وفي رواية أنَّه حُمل إلى مكَّة وهو ابن ستِّ سنين، ولم يكن له مال].
ذِكر بدايته لطلب العلم:
[قال الخطيب (?) بإسناده عن محمد بنِ عبد الله بن عبد الحكم قال: قال لي محمدُ بن إدريس الشافعي: ] وُلدت (?) بغزَّة، وحُملت إلى مكةَ وأنا ابنُ سنتين، [قال: ] ولم يكن لي مال (?)، فكنت أذهب إلى الدِّيوان أستوهب الظهورَ أكتب فيها. [وفي رواية عن الشافعيِّ قال: ] حفظت القرآنَ وأنا ابن سبعِ سنين، وحفظت "الموطَّأ" وأنا ابن عشرِ سنين، وما أفتيت حتى حفظت عشرةَ آلافِ حديث.
[وحكى أبو نُعيم (?) عن حسين الكرابيسيِّ عن الشافعيِّ قال: ] كنت (?) امرأً أكتب الشِّعر، فآتي البواديَ فأسمع منهم، فقدمت مكَّةَ مرة وأنا أتمثَّل بشعر لبيد، فضربني رجلٌ من الحَجَبة من ورائي وقال: رجلٌ من قريشٍ ثم من بني المطَّلب يطلب الشعرَ ويرضى من دِينه ودنياه أن يكونَ معلِّمًا! ما الشِّعر! الشعر إذا استحكمتَ فيه قعدتَ معلمًا، تفقَّهْ لعلَّ اللهَ أن ينفعَك وينفعَ بك. فانتفعت بكلامه، فجالست ابنَ عُيينة ما شاء الله، وكتبت عنه وعن مسلم بن خالدٍ الزَّنجي، ثم قدمت المدينةَ على مالك بنِ أنس، فكتبت موطَّأه، وقلت: يا أبا عبدِ الله، أقرؤه عليك؟ فقال: يا ابنَ أخي، نأتي برجلٍ يقرؤه [عليك] وأنت تسمع، فقلت: ألا أقرؤه عليك؟ فقال: اقرأ، فقرأتُ حتى بلغت كتاب السِّيَر، فقال [لي]: تفقَّه تَعْلُ.