وقال مقاتل: قال له فرعون: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51] يعني قوم نوح وعاد وثمود، الآية؟ وإنما سأله عنها لأنه إنْ كان رسولًا علم حالها، فقال موسى: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} لأن التوراة لم تكن أنزلت عليه بعد، لأنها إنما أنزلت عليه بعد غرق فرعون وخروجه من مصر، فردَّ العلم إلى الله تعالى {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] فيحتاج إلى التذكرة.
{قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا} أي: أجَلًا وميقاتًا {لَا نُخْلِفُهُ} أي: لا نتجاوزه {نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: 57، 58] أي: مستويًا {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} واختلفوا فيه: قال ابن عباس: يوم الزينة يوم عاشوراء، كانوا يتزيَّنون فيه. وقال مقاتل: يوم عيدهم. وقال ابن المسيّب: يوم النيروز (?) {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59] أي: ضحوة، ليكون أبلغ في الحجة، وأبعد من الزينة في الليل {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ} [طه: 60] أي: حيَلَه وسَحَرَتَه في ذلك اليوم لموعد موسى.
واختلفوا في عددهم، قال ابن عباس: كانوا سبعين ألفًا، ما بين ساحر وكاهن، ورؤساؤهم سبعون ورؤساء السبعين سبعة: ساتور وعاز وحطحط وشمعون ويوحنا ويثرون. وقيل: كانوا أربع مئة ألف، والأول أصح.
{قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أي: تختلقوا {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} أي: يستأصلكم {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61] أي: كذب {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} [طه: 62] أي: الحديث. وكان مع كل واحد منهم عصا وحبل {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} أي: أرض مصر {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه: 63] أي: يصرفا وجوهَ الناس إليهما. والطريقة: السنَّة {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} أي: اعزموا على إظهار سحركم {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} أي: صفوفًا {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ