ذِكر طَرَفٍ من أخباره:
قال له رجل: أَسكتَني عن وصفك تساوي أفعالِك في السُّؤدَد، وحيَّرني فيها كثرةُ عددها، فليس إلى ذِكر جميعها سبيل؛ لأني كلَّما اردت وَصفَ واحدةٍ اعترضت أختُها، إذ كانت الأولى ليست بأحقَّ بالذِّكر، فلست أصفها إلَّا بإظهار العجزِ عن وصفها. فحشا الفضلُ فاه دُرًّا وقال: هذا الكلامُ أحسنُ من الدُّرِّ.
وقال إبراهيمُ بن العباس الصُّولي: [من مجزوء المتقارب]
لِفَضْل بنِ سَهْلٍ يدٌ ... تقاصَرَ عنها المَثَلْ
فبَسْطَتُها للغنى ... وسَطْوَتُها للأجل
وباطِنُها للنَّدى ... وظاهرُها للقُبَل (?)
أخذه ابنُ الروميِّ (?) فقال في القاسم بنِ عبيد اللهِ الوزير: [من الكامل]
أصبَحْتُ بين خَصَاصةٍ وتَجَمُّلٍ ... والحُرُ بينهما يموت هَزيلا
فامدُدْ إليَّ يدًا تَعوَّد بَطْنُها ... بَذْلَ النَّوال وظَهْرُها التَّقْبيلا
[روى الخطيب (?) بإسناده عن] إبراهيم بن العباس الصُّولي قال (?): اعتلَّ ذو الرِّياستين بخُراسانَ ثم برئ، فجلس للناس، فهنَّؤوه بالعافية، وتصرَّفوا في الكلام، فلمَّا فرغوا أقبل عليهم وقال: إنَّ في العِلل لَنعمًا ينبغي للعقلاءِ أن يعرفوها: تمحيصُ الذنوب، والتعرُّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغَفلة، وادِّكار النِّعمة في حال الصِّحَّة، واستدعاءٌ للتوبة، وحضٌّ على المحدقة. قال: فنسي الناسُ ما تكلَّموا به وانصرفوا بكلام الفضل.
و[وقال الصُّولي: ] مرض الفضلُ، فكتب إليه المأمونُ -وهي له- هذه الأبيات (?): [من الخفيف]
كيف أصبحتَ بالكرامة صُبِّحـ ... ــتَ وبالخير ربُّنا مَسَّاكا