وأكرمَه وعظَّمه، وقال: يَا أَبا عبد الله، هل من حاجة؟ قال: نعم مسألة. قال: أو ليسَ عندك من العلم ما يُجزيك؟ قال: أحببت أن أذكرك فيها. قال: قل. قال: ما تقولُ في امرأةٍ جاءت فجلسَت في باب رجل، ففتح الرجلُ البابَ واحتملَها فأدخلها وفجرَ بها، على من يجب الحدُّ منهما؟ فقال: على الرَّجل دونها. قال: ولم؟ قال: لأنها مكرهة. قال: فلمَّا كان من الغد جاءت فتزيَّنت وتطيَّبت وجلست على الباب، ففتحَ الرجلُ الباب واحتملَها ففجرَ بها، على من الحد؟ قال: عليهما جميعًا. قال: ولم؟ قال: لأنها جاءت بنفسها وقد عرفت الخبرَ بالأمس. قال: وأنت كذا، كان عذرُك واضحًا حيث كان الشُّرَط يحفظونَك بالأمس، أيُّ عذرٍ لك اليوم؟ فقال: يَا أَبا عبد الله، أسمع أكلمك، فقال سفيان: ما كان الله ليراني أكلمك أو تتوب، فلم يكلِّمه حتَّى مات.
وكان سفيان الثَّوريّ يقول: أي رجل هو لو لم يفسدوه!
وكان لا يجلس للقضاء حتَّى يتغدَّى، ثمَّ يأتي المسجد فيصلي ركعتين، ثم يخرج من جيبه رقعةً فينظر فيها، وفيها مكتوب: ويحك يَا شريك، اذكر الصراط ودقَّته، والوقوفَ بين يدي الله تعالى.
وقال عمر بن الهيَّاج (?): أتت امرأةٌ شريكًا وهو في مجلسِ الحكم، فقالت: أنا باللهِ، ثمَّ بالقاضي، أنا امرأةٌ من ولد جرير بن عبد الله صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وما الذي بك؟ قالت: ظلمَني الأمير موسى بن عيسى، وكان لي بستان على شاطئ الفرات، فيه نخلٌ، ورثتُه عن آبائي، فقاسمتُ إخوتي، وبنيتُ بيني وبينهم حائطًا، وجعلتُ فيه فارسيًّا في بيت يحفظُه، ويقوم بالبستان، فاشترى الأميرُ من إخوتي حصَّتهم، وساومني في حصَّتي فلم أبعه، فلما كان في هذه الليلة بعثَ بخمس مئة فاعل، فقلعوا الحائط، فأصبحت لا أعرفُ من نخلي شيئًا، واختلطَ بنخلِ إخوتي، فقال: يَا غلام، طينة فختم، ثمَّ قال لها: خذي هذه واذهبي إلى بابه حتَّى يحضُر معك، فجاءت المرأةُ إلى بابه بالطينة، فأخذها الحاجبُ ودخلَ بها إليه وقال: أَعْدَى شريكٌ عليك، فدعا بصاحبِ شرطته وقال له: امضِ إلى شريك وقيل له: سبحان الله،