البيعةَ على الناس. قال: ففعلت، وقرَّبني هارونُ واختصَّ بي.

وقيل: إنَّه أَحضر يحيى وقال له: قد أفسدتَ ما بيني وبين أخي، وواللهِ لأقتلنَّك، ودعا بالسيف والنِّطع، وأَقعد يحيى للقتل، فقال إبراهيمُ الحراني: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ ليحيى عندي يدًا، وأحبُّ أن أكافئَه عليها، فأُحبُّ أن تهبَه لي الليلةَ وترى فيه غدًا رأيَك، فقال: وما الفائدةُ في حياة ليلة؟ قال: لعله يحمل صاحبَه على إجابتك، أو يعهد عهدَه إلى مَن يشاء من ولده، فأجابه إلى ذلك. قيل يحيى: فقمت من بين السيفِ والنِّطع وما اكتحلتُ بالغُمض إلى السَّحَر وأنا محبوس، فسمدت صوتَ القفل يُفتح، فلم أشكَّ في القتل، وإذا بخادمٍ يقول: أَجِب السيِّدة، فقمت، فإذا بالخَيزُران، فقالت: قد أراح اللهُ من الجبَّار، فبايع لهارون.

وقيل: إنَّ الهاديَ ناظر يحيى في خلع هارون، ويحيى يحلف له والهادي يكذِّبه ويقول: واللهِ لأقتلنَّك، فانصرف يحيى إلى داره، فكلَّم غلامَه في شيء، فردَّ عليه، فلطمه يحيى، فانقطعت حلقةُ خاتمِه وطاح الفَصّ، فتطيَّر يحيى، فدخل عليه يحيى السيَّاري الشاعر، فأَخبره، فأَنشده بديهًا: [من الكامل]

أَخلاكَ من كلِّ الهمومِ سقوطُه ... وأتاك بالفَرَج انفراجُ الخاتمِ

قد كان ضاق ففكَّ حلقة ضيقه ... فاصبر فما ضيقُ الزمانِ بدائم

فما أصبح حتى ارتفعت الواعيةُ بموت الهادي، وولي هارون، فأعطى يحيى السياريَّ مئةَ ألفِ درهم (?).

ويقال: إنه لمَّا ثقل استدعى الخَيزُران، فجاءت، فقبض على يدِها وقال لها: ما قلتُ لك ما قلت إلا صيانةً لك، والليلةَ أموت. قالت: ومن أين لك ذلك؟ قال: بلى، كذا في مولدي، ومات ويدُه في يدها.

ومات بعيساباذَ ليلةَ الجمعةِ النصفَ من ربيع الأوَّل، وقيل: الآخِر، وخلافتُه سَنَةٌ وثلاثةُ أشهر، وقيل: وشهرين وأيامًا، ومات وهو ابنُ ستٍّ وعشرين سنة، وقيل: ابنُ (?) ثلاثٍ وعشرين سنة، ودُفن ببستانه بعيساباذَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015