بشيءٍ نسيئة، فقلت:

فلا نحن نخشى أن يَخيبَ مسيرُنا ... إليك ولكنْ أَهنأُ البِرِّ عاجلُهْ

فقال المهديّ: عجِّلوها له، فحُملت إليَّ من وقتي.

وكان المهديُّ يحتجب أولَ خلافته، فأنشده سَلْمٌ الخاسر: [من مخلع البسيط]

مَن راقب النَّاسَ مات غمًّا ... وفاز باللذَّة الجَسورُ (?)

فظهر لنُدَمائه. وكان يقول بعد ذلك: إنما اللذَّة في مشاهدتها وإدراكِ الحواسِّ إياها، أما مِن وراءَ فليس لها معنى.

وكان المهديُّ يشعر، ومن شعره: [من الوافر]

أَرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ ... ولكنْ لا سبيلَ إلى الورودِ

أَراح اللهُ من جسدي ثيابي ... وعجَّلني إلى دار الخلود

أَمَا يكفيكِ أنَّك تملكيني ... وأنَّ النَّاس كلَّهمُ عبيدي

وأنكِ لو قَطَعتِ نياطَ قلبي ... لَقلتُ من الهوى أحسنتِ (?) زيدي

وقيل: إنَّها لابنه هارونَ الرشيد (?).

وله: [من مجزوء الرمل]

أفِّ للدنيا وللزِّيـ ... ـنةِ فيها والأثاثِ

إذ حثا التُّربَ على هَيـ ... ـلانَ في الحفرة حاثي

فلها تبكي البواكي ... ولها تُشجَى المراثي

خلَّفت حزنًا طويلًا ... جعلتْ ذاك تُراثي (?)

وحجَّت الخَيزُران، فكتب إليها المهديُّ وهي بمكَّة: [من الخفيف]

نحن في أكملِ السُّرورِ ولكن ... ليس إلَّا بكمْ يتمُّ السرورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015