محارمه {وَيَصْبِرُ} على الوقوع في الجبِّ والبيع والحبس {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90] فقالوا مقرِّين معتذرين: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَينَا} أي: اختارك وفضلك بالعقل والعلم، والفضل والحلم، والحسن والملك {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] في صنعنا بك (?). وسئل ابن عباس فقيل له: كيف قالوا: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} وقد كانوا تعمدوا ذلك؟ [فقال: ] معناه أخطؤوا الحق وإن تعمدوا، وكلُّ من أتى ذنبًا فقد أخطأ المنهاج.

{قَال} يوسف وكان حليمًا موفقًا: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ} أي: لا تعيير ولا تأنيب عليكم، ولا أذكر لكم ذنبًا بعد اليوم، ثم دعا لهم فقال: اليوم {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] قال ابن عباس: ولما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة أخذ بعضادتي باب الكعبة، وقد لاذ الناس بالبيت فقال: "ما تظنون أني فاعل بكم"؟ قالوا: نظن خيرًا، أخ كريم وابن أخٍ كريم وقد قدرتَ، قال: "وأنا أقول كما قال أخي يوسف لإخوته {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ} الآية".

ثم قال: ما فعل الشيخ أبي بعدي؟ قالوا: ذهبت عيناه، فأعطاهم قميصه وقال: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} أي: مبصرًا {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف: 93] فإن قيل: فمن أين علم يوسف ذلك؟ فالجواب: إن ذلك القميص كان من الجنّة، وقيل: كان القميص الَّذي كساه الله الخليلَ يوم النار، وقد ذكرناه. وقال مقاتل: قال له جبريل: ابعثْ به فإنه لا يقع على مبتلى إلا وعوفي.

قوله تعالى: {لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} يعني من مصر إلى أرض كنعان {قَال أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} روى مجاهد أن الريح استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير، فأذن لها فأتته به، قال مجاهد: وجد ريحَ يوسفَ من مسيرة ثلاثة أيام فوصل إلى يعقوب ذلك لأنها صفقت [القميص] فاحتملت ريح يوسف فوجد يعقوب ريح الجنّة، فعلم أنَّه ليس في الأرض من ريح الجنَّة إلا ما كان من ذلك القميص (?). وقال ابن عباس: وجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام. وقال الحسن: كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015