وقيل: كانت من فضة، جعلها يوسف مكيالًا لئلا يُكال بغيرها. وقال ابن عباس: كان لأبي في الجاهلية مثلها وهي والصواع واحدٌ.
وقال السُّدي: جُعلت في رحْل بنيامين ولم يشعر.
وقال كعب: لما قال له {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ} قال بنيامين: فأنا لا أفارقك، قال يوسف: قد علمتَ اغتمام والدي بي، ومتى حبستك ازداد غمه فلا يمكنِّي هذا إلا بعد أن أنسبك إلى أمر فظيع لا يليق (?) بك، فقال: افعل ما بدا لك فإني لا أفارقك. قال: فإني أَدُسُّ صاعي في رحلك ثم أنادي عليك بالسرقة، قال: افعل، فذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} أي: هيَّأ لهم أسباب الميرة {جَعَلَ الْسِقَايَةَ في رَحْلِ أَخِيهِ} بنيامين ثم ارتحلوا مرحلة، وأرسل يوسف مَن رَدَّهم وحبسهم {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِنٌ} أي: نادى منادٍ {أَيَّتُهَا الْعِيرُ} وهي القافلة التي فيها الجمال، قال الفراء: لا يقال: عير إلا لأصحاب الإبل، وقال مجاهد: كانت العير حميرًا {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: 70] ثم قالوا لهم: ألَم نكرمْ مثواكم ونوفِّكم الكيلَ ونحسنْ إليكم؟ قالوا: فما الَّذي بكم؟ {وَأَقْبَلُوا عَلَيهِمْ} أي: عطفوا على المؤذِّن وأصحابه وقالوا: {مَاذَا تَفْقِدُونَ}؟ {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} وقرأ أبو هريرة: "صاع الملك" {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أي: كفيل. {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} ومعناه: والله {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف: 73]، ولما دخلنا بلادكم كَعَمْنا (?) أفواهَ الإبل لئلَّا ترعى ما ليس لها، فكيف نسرق وقد رددنا عليكم الدراهم؟ فلو كنا سارقين ما رددناها.
فإن قيل: فكيف سمَّاهم يوسف سارقين وما سرقوا؟ فالجواب: إنه من قول المنادي، ولو كان من قول يوسف فقد سرقوه.
{قَالُوا} يعني المنادي وأصحابه {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} [يوسف: 74] {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] وهو أن يسلَّم إلى المسروق منه فيسترقَّه سنةً، وكان ذلك سنَّةَ آلِ يعقوب في حكم السارق. فقال المنادي: لا بد من