فرُّوخ مولى آل المنكدر، التيميّ (?)، أبو عثمان، وقيل: أبو عبد الرحمن، ويقال له: ربيعة الرأي، وهو من الطبقة الرابعة من أهل المدينة.
وكان إذا مرض وضع الموائد لعوَّاده يأكلُ منها كلُّ مَنْ يعوده، فلا يزال كذلك حتى يخرج.
وقال مالك: ذهبت حلاوةُ الفقه منذ مات ربيعة.
وقال ربيعة: إنما الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم ومن يتولَّاهم.
وكانت لربيعة مروءةٌ وسخاء، مع فقهٍ وعلم، وكانت له حلقة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان محمد بنُ عليِّ بن الحسين وابنُه جعفر يجلسان في حلقته.
وقال الليث بن سعد، [عن يحيى بن سعيد] (?): ما رأيتُ أسَد عقلًا من ربيعة. وكان صاحب معضلات أهل المدينة، ورئيسَهم في الفتيا.
وكان فرُّوخ خرج في البعوث إلى خراسان غازيًا [وربيعةُ حَمْل] (?)، وخلَّف عند أم ربيعة ثلاثين ألف دينار، وقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة وهو راكبٌ على فرس، وبيده رمح، فنزل عن فرسه، ثم دفع الباب، فخرج ربيعةُ وقال له: يا عدو الله، أتهجُم على منزلي؟ فقال فرُّوخ: يا عدو الله أنت، دخلتَ على حَرَمي! وتَواثَبا، وتلبَّبَ كلُّ واحد منهما على صاحبه، حتى اجتمع الجيران، وبلغ مالك بنَ أنس والمشيخة، فأتوا يعينون ربيعة، وجعل ربيعة يقول: والله لا أفارقُك إلا عند السلطان، وفرُّوخ يقول كذلك، وكثُرَ الضجيج، فلما بَصُروا مالكًا سكت الناس كلُّهم، فقال مالك: أيها الشيخ، لك في غير هذا المنزل سَعَة، فقال فروخ: هي داري، وأنا فرُّوخ. وسمعت امرأتُه كلامَه فخرجت، فلما رأته قالت: هذا والله زوجي، وهذا ابنُه الذي خلَّفه وأنا