عليك؟ فانقطَعَ الرجلُ وجعل يلتفتُ يمينًا وشمالًا يطلب مكانًا يهربُ منه، فقال له أبو العباس: والله لولا أنها أولُ خطبةٍ خطبتُها بالعراق لأخذتُ ما فيه عيناك، ثم عاد إلى خطبته كأنما يقرؤها من قرطاس (?).

ولما فرغ السفاحُ من خطبته قام إليه السيد فأنشده: [من السريع]

دُونَكُموها يا بني هاشمٍ ... فجدِّدوا أمرًا بها طامسًا

دونكموها لا علا كَعْبُ مَنْ ... أمسى عليكم مُلْكَها نافسًا

دونكموها فالبَسوا تاجَها ... لا تعدَموا منكم لها (?) لابسًا

خلافةَ الله وسلطانَه ... وعنصرًا كان لكم دارِسًا

والمُلكُ لو شُوورَ في ساسة ... ما رامَ إلا منكمُ سائسًا

لم يُبْقِ عبدُ الله بالشام مِنْ ... آلِ أبي العاص امرأً عاطسًا

فقال له أبو العباس: سَلْ حاجتَكَ. قال: ترضى عن سُلَيمان بن حبيب بن المهلَّب، وتوليه الأهواز. قال: قد فعلت، وكتَبَ عهدَه، ودفعَه إلى السيد، فقدم به على سليمان، فلما وقعتْ عينُه عليه أنشده هذه الأبيات: [من المتقارب]

أتيتُكَ يا قَرْم أهل العراق ... بخير كتابٍ من القائم

أتيتُكَ من عند خير الأنا ... م وذاكَ ابنُ عمِّ أبي القاسم

أتينا بعهدك من عنده ... على منْ يليكَ من العالم

يولِّيك فيه جِسامَ الأمور ... فأنتَ صنيعُ بني هاشم

فقال له سليمان: شريف، وشفيع، وشاعر، ووافد، ونسيب، احتكمْ. فقال: جاريةٌ جميلة ومن يخدمها، وبَدْرة ومن يحملُها، وفرس وسائسُه، وتَخْتٌ من الثياب. فقال: قد أمرتُ لك بكلِّ ما سألت، ولك في كلِّ سنة مثلُه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015