عبد الرحمن الحنفي عاملُه على هَراة، وكان معه دِهْقان هَراة (?)؛ قَدِما بهديَّة، فقُوِّمَتْ بألفِ ألفِ درهم، وكان فيما قدما به قصرٌ من ذهب، وقصرٌ من فضة، وصِحافٌ من ذهب وفضة، وأسدٌ جالسٌ على السرير، وأشرافُ خُراسان على الكراسيّ حولَه، فدخلا، فوضعا القَصْرَين بين يديه والهدايا والثيابَ على اختلاف أنواعها [بحيث امتلأ البساط] (?) ثم قام الدِّهْقانُ -واسمُه خُراسان- خطيبًا، فقال: أصلح الله الأمير، إنَّا معاشرَ الفرس، أكلنا الدنيا [أربع مئة سنة -وهذه رواية الواقدي، أما هشام فقال: ] أربعة آلاف سنة [وهو الأصح؛ لأنها مدة ملك فارس - أيها الأمير، إنَّا أكلنا الدنيا] بالحلم والوقار، والهَيبة والعقل، وليس فينا كتاب منزَّل (?)، ولا نبيٌّ مُرْسَل، وكانت الرجالُ عندنا ثلاثة: رجلٌ ميمون النقيبة، أينما توجَّهَ فتحَ الله عليه، ورجلٌ تَمَّتْ مروءتُه وعظم عفوُه، ورجلٌ رَحُبَ صدرُه وبسطَ يدَه. وإن الله جعل أوصاف هؤلاء الثلاثة فيك، فلا نعلمُ أحدًا أتمَّ للملك والرئاسة منك أيها الأمير (?).
إنك ضبطتَ أهل بيتك وحَشَمَك ومواليَك عن الرعيَّة، فليس منهم أحدٌ يستطيع التعدِّي على كبير ولا صغير، وغني وفقير، وبنيتَ الرِّباطات في المفاوز يأوي إليها الفقراء (?) والغُرباء.
ومن يُمْنِ نقيبتك أنك لقيتَ (?) خاقان في مئة ألف ومعه الحارث بن سُريج أوهذه رواية المدائني: في مئة ألف، وفي رواية هشام: ثلاثين ألفًا] فهزمتَه، وقتلتَ أصحابه، وغنمتَ عسكره.