وقال [ابن أبي الدنيا بروايته عن] سعيد بن مسلمة بن هشام الأموي [قال: ] كانت أمُّ البنين تبعثُ إلى نسائها فتجمعهنّ (?)، فيتحدَّثن عندها وهي تصلِّي، ثم تنصرف إليهن، فتقول: أُحبُّ حديثَكنَّ، فإذا دخلتُ في صلاتي لَهَوْتُ عنكنَّ (?).
وكانت تكسوهنَّ الثياب الحسنة، وتُعطيهنَّ الدنانير، وكانت تقول: [لكلّ شيء، أو: ] لكل قوم نَهمة في شيء، ونَهْمَتي في العطاء والصِّلة، وواللهِ إنَّ البذل والمواساة أحبُّ إليَّ من الطعام الطيِّب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ.
وقالت: ما حسدتُ أحدًا على شيء إلا أن يكون في معروف، فإني كنتُ أُحبُّ أن أشرَكَه فيه.
[قال: ] وكانت تُعتق في كلِّ جمعة رقبةً، وتحملُ على فرسٍ في سبيل الله (?).
وكانت تقول: البخيل من بخل على نفسه بالجنة (?).
وكانت تقول: إنَّ من كنوز الذخائر عند الله حُسنَ الضمائر في خلقه.
وقالت: ما تحلَّى المتحلُّون بشيءٍ أحسنَ من تحلِّيهم بعِظَم مهابة الله في صدورهم، وما استشعر المستشعرون بمثل الخوف من الله تعالى (?).
و[قال ابن أبي الدنيا بإسناده عن مروان بن محمد بن عبد الملك قال: ]
دخلت عَزَّةُ كُثَيِّر عليها، فقالت لها ما قال كُثَيِّر:
قضى كلُّ ذي دَينٍ فوفَّى غَرِيمَهُ ... وعَزَّةُ مَمْطولٌ مُعَنًّى غَرِيمُها
ما كان هذا الدين يا عَزَّة؟ فاستحيَتْ، فقالت: عليَّ ذاك [قالت: ]، كنتُ وعَدْتُهُ قُبلةً فتحرَّجْتُ منها. فقالت لها: أنْجِزِيها له، وعليَّ إثْمُها. ثم إنها ندمَتْ وأعتقتْ لهذه الكلمة أربعين رقبةً، وكان إذا ذكَرَتْها بكَتْ وتقول: يا ليتني خَرِسْتُ ولم أتكلَّم بها (?).