فأرسل إليه، فأتي [به] متقنّعًا، فوقف بين يديه فقال: ما كلمةٌ قلتَها نُغض لها ما بين الفُرات وعريش مصر؟ ثم لان له وقال: الزم الصَّمت، فإن من رأيي البقيَّة فِي قريش والحلمَ عنها، فكان ابن مُحَيريز يرى أنَّه قد غنم نفسه يومئذ (?).
وكان الأَوْزَاعِيّ والأئمة يُعظّمونه، ويرفعون قَدْرَه، ونزل البيت المقدس فكان رجاء بن حيوة يقال: إن أهل المدينة ليفتخرون علينا بعبد الله بن عمر، وإنا لنفتخر عليهم بعبد الله بن محيريز؛ إمامًا صَموتًا مُعتزلًا فِي بيته.
وكان لا يقبل برَّ أحد، ولا عطاءَ خليفة ولا ملك ولا غيرهما، بعث إليه عبد الملك بجارية، فلما دخلت عليه بيته قام فخرج ولم يَعُدْ إليه، وبلغ عبد الملك فأرسل فأخذها، فرجع إِلَى بيته.
وكان يقول: كفى بالمرء شرًّا أن يشار إليه بالأصابع، وكان يمشي من قريته إِلَى الرَّمْلَة ليُصَلّيَ الجمعة، وبينهما أربعة أميال.
ودخل يومًا إِلَى السوق اشترى ثوبًا، فعرفه رجل فقال للبائع: هذا ابن مُحَيريز فأحسِنْ بيعَه، فغضب وقال: إنما نشتري بأموالنا لا بأدياننا.
وتوفي سنة أربع وتسعين، وأسند عن عُبادة بن الصّامت، وأبي سعيد الخُدْريّ، ومعاوية، وأوس بن أوس الثَّقفيّ، وأبي مَحْذُورة، وكان يتيمًا فِي حجره، وفَضالة بن عبيد، وعبد الله بن السَّعدي وغيرهم.
وروى عنه الزُّهريّ، ومَكحول، وحسان بن عَطيّة، وابن أبي عَبْلَة، وأبو قِلابة الجَرْميّ، وعطاء الخُراسانيّ، وخالد بن مَعْدان فِي آخرين (?).
ابن الخِيار بن عَديّ بن نوفل بن عبد مَناف بن قُصيّ، وأُمُّه أمّ قِتال بنت أسيد بن أبي العِيص بن أمية.