والحسين، قال: ما تقوله فِي الخلفاء منذ كان رسول الله فِي - صلى الله عليه وسلم - وإلى اليوم؟ قال: سيُجزون بأعمالهم فمَسْرور ومَثْبور، بهال: فما تقول فِي عبد الملك بن مروان؟ قال: إن يكن مُحسنًا فعند الله ثوابُ إحسانه، وإن يكن مُسيئًا فلن يُعجزَ الله، قال: ما تقول فيّ؟ قال: أَنْتَ أعلم بنفسك، قال: بُثَّ علمَك فيَّ، قال: إذَا أَسُوءَكَ ولا أسرَّك، قال: بثّ، قال: أعفِني، قال: لا عفا الله عني إن عفوتُ عنك، قال: أَنْتَ مُخالفٌ لكتاب الله، تُرِي من نفسكّ أمورًا تريد بها الهَيبة وهي تُقحمك فِي النَّار، ظهر منك جَور وجُرأة على معاصي الله بقتلك أولياءه، وسترد فتعلم، فقال: لأقتلنَّك قتلة لم أقتلها لأحد قبلك، ولا أقتلها أحدًا بعدك، قال: إذَا تُفسدُ عليّ دنياي، وأفسد عليك آخرتك، قال: والله لأُقَطِّعَنَّك إرْبًا إرْبًا، قال: القصاص أمامك، قال: الويل لك من الله، قال: الويل لمن زُحزِحَ عن الجنة وأُدخل النَّار، فقال: يَا غلام، السَّيف والنِّطع، فضحك سعيد، فقال الحجاج: بلغني أنك لم تضحك منذ سنين، فما الذي أضحكك عند القتل؟ قال: من جُرأتك على الله وحلمه عنك، فقال: يَا غلام، اقتله، فاستقبل القبلة وقال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا} الآية [الأنعام: 79] قال: اصرف وَجْهه عن القبلة، فصرفه فقال: {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] قال: اضرب به الأرض، قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} الآية [طه: 55]، قال: اذبح عدوّ الله فما أنزعه لآيات القرآن منذ اليوم (?)! فقال سعيد: إنِّي أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، فقال: اذهبوا به فاضربوا عنقه، ثم ذُبح من قفاه، [قال ابن ذكوان: ] فبلغ الحسن البَصْرِيّ فقال: اللهم يَا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج، فما بقي إلَّا ثلاثًا حتَّى وقع فِي جوفه الدود فمات.
[وروى أبو نعيم، عن يعلى كاتب الحجاج قال: كنت أكتب له وأنا يومئذ غلام حديث السن، فدخلتُ عليه يومًا بعد ما قتل سعيد بن جبير وهو فِي قبة لها أربعة أبواب، فوقفت مما يلي ظهره، فسمعته وهو يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ ! فلم ينشب بعدها إلَّا يسيرًا ثم مات.]