الغزو، فسار قتيبة في جيوشه، وأظهر أنَّه يريد السُّغْد، ولم يتعرض لبلاد خُوارزم شاه، ثم عطف عليها، ونزل قريبًا منها، فقال خُوارزم شاه لأصحابه: ما ترون؟ فقالوا: نقاتله، فقال: لا ولكن نصالحه، قالوا: افعل، فصالحه قتيبة على عشرة آلاف رأس، ومال ومتاع وغير ذلك، ووفى له قتيبة، ورجع طالبًا السُّغْد وملكها -ويقال له: طرخون- وكان قد نقض العهد، وجَهّز أخاه عبد الرَّحْمَن بن مُسلم في عشرين ألفًا، وسار مع قتيبة عسكرُ خُوارزم شاه وبُخارى في جمع عظيم، فحصرهم شهرًا.

وكتب أهل الصُّغد إلى ملوك الشّاش وفَرَغانة أن العرب قد أحاطوابنا، وإذا فرغوا منا جاؤوا إليكم، فأرسلوا إليهم: نحن واصلون فاشغلوهم في ناحيتكم حتَّى نُبَيّتهم. وانتخَبوا من أبناء الفرسان والأساورة المَرازِبة والشّجعان جيشًا (?)، وأمروهم أن يُبَيّتوا المسلمين.

وجاءت عيون قتيبة فأخبرته، فجهّز إليهم ست مئة من أبطال المسلمين، عليهم صالح بن مسلم، وأمره أن يقف في الطريق الذي يأتون منه، فخرج صالح ففرَّق أصحابَه ثلاث فِرق؛ فرقتين كمينين في موضعين، ونزل هو على قارعة الطريق في فرقة، وطرقهم الكفار ليلًا وهم آمنون؛ لعلمهم أن ذلك الطريق الذي عليه صالح لا تُسلك. وثار صالح، وخرج الكمينان والتقوا، وقاتل الكفار قتالًا لم يقاتله غيرهم، وصبروا فنصر الله المسلمين عليهم، فقتلوهم وحزُّوا رؤوسَهم، وأسروا الباقين، وسألوا الأسارى: مَن قَتَلْنا؟ فقالوا: ما قتلتم إلَّا ابنَ ملك، أو عظيمًا أو شجاعًا، فكتبوا أسماءهم على رؤوسهم، وساروا إلى عسكر قتيبة عند الصباح، فدخلوا والرؤوس مُعلَّقة في رقاب خيولهم، وقد غنموا شيئًا كثيرًا من مناطق الذهب المجوهرة وغيرها.

وبلغ السُّغد فانكسروا، ونصب عليهم المجانيق والرّمايات، وجدّ في قتالهم قتيبة بنفسه، ونصح أهلُ خوارزم وبخارى.

فبعث إليه الملك يقول: أَنْتَ إنما تقاتلني بأهلي من الأْعاجم، فأخرج إليّ العرب، فغضب قتيبة، وأمر العرب أن يقاتلوهم دون العجم، وثلموا في السور ثُلمة، فسدُّوها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015