وليَّه الشيطان وحزبُه ولو كان معه الأنام [طُرًّا] (?)، ألا وإنَّه قد أتانا من العراق خبرٌ أحزَننا وأفرَحَنا، أتانا قتلُ مصعب رحمه الله، فأمَّا الَّذي أفْرَحَنا؛ فعِلْمُنا أنَّ قَتْلَه له شهادة، وأمَّا الذي أحزَنَنا؛ فإنَّ لفراق الحميم لوعةً يجدُها حميمُه عند المصيبة، ثم يَرْعَوي مِن بعدِها ذو الرأي إلى الصبر الجميل وكريم العَزَاء، ولئن أُصبْت بمصعب؛ فلقد أُصبتُ بالزبير قبلَه، ألا إنَّ أهلَ العراق أهلُ الغَدْرِ والشقاق، أسلَمُوه وباعوه بأقل ثمن، فإن نُقتل فإنَّا واللهِ لا نموتُ على مضاجعنا كما يموتُ بنو أبي العاص، واللهِ ما قُتِلَ منهم رجلٌ في زحفٍ في الجاهلية ولا في الإسلام، وما نموتُ إلا قَعْصًا (?) بالرِّماح، وموتًا تحت ظِلال السيوف، ألا إنما الدّنيا عارّيَةٌ من المَلِكِ الأعلى الَّذي لا يزولُ سلطانُه، ولا يَبِيدُ مُلْكُه. وتمثَّلَ:
وكلُّ جديدٍ يا أُمَيمَ إلى البِلَى ... وكلُّ امْرِئٍ يومًا يصيرُ إلى كانَ (?)
وفيها كَمُلَ بناءُ قُبَّة الصَّخرة والجامع الأقصى، وكان [عبد الملك] شَرَعَ في بنائها سنة تسع وستين (?).
والسببُ (?) فيه أنَّ ابن الزُّبير كان قد استولى على مكة (?).
[وقال هشام: ] وكان يخطبُ في أيام منى وعرفة ومُقامِ الناس بمكة، وينال من عبد الملك، ويذكرُ مساوئَ بني أمية، ومثالب بني مروان، ويقول: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنَ