إذا ذكرَتْكِ النفسُ مِتُّ صَبابةً ... وكاد فؤادي عند ذاك يطيرُ

أأتركُ ليلى ليس بيني وبينَها ... سوى ليلةٍ إني إذًا لَصَبُورُ

هَبُوني امرءًا منكم أَضَلَّ بعيرَهُ ... له حُرْمةٌ إن الذِّمام كبيرُ (?)

وقال الأصمعي: قال له بعضُ أهله: أَقْصِرْ، فقد شاع أمرك في الدنيا، فقال:

سقى منزلًا منها بذي الرِّمْثِ قد عفا ... وبطنِ نقاها مُدْجِناتٌ بوارقُ

وماذا عسى الواشون أنْ يتحدَّثوا ... سوى أنْ يقولوا إنني لكِ عاشقُ

أَجَلْ صَدَقَ الواشون أنتِ حبيبةٌ ... إليَّ وإنْ لم تَصْفُ منكِ الخلائقُ (?)

وقال الأصمعي: قيل لأبيه: لو خرجتَ به إلى الموسم، وسألتَ اللهَ فيه لعلَّه أن يُخَفِّفَ عنه. فخرج به إلى الموسم، وجاء به إلى عرفات، ووقف مع الناس، وأخذ أبوه في الدعاء له، فقال المجنون:

دعا المُحْرِمُون اللهَ يستغفرونهُ ... بمكةَ يومًا أن تُمحَّى ذنوبُها

وقلتُ له يا ربِّ أوَّلُ حاجةٍ ... لنفسيَ ليلى ثم أنتَ حسيبُها

فلو نلتُ ليلى في حياتيَ لم يَتُبْ ... إلى الله عبدٌ توبةً لا أتوبُها

يَقَرُّ بعيني قربُها ويزيدُني ... بها كَلَفًا مَنْ كان عندي يعيبُها

فيا نفسُ صبرًا لستِ واللهِ فاعلمي ... بأوَّلِ نفسٍ غابَ عنها طبيبُها

أراكَ إلى نجدٍ تَحِنُّ وإنَّما ... هوى كلِّ نفسٍ حيثُ حلَّ حبيبُها

وما هَجَرَتْكِ النفسُ يا ليلَ أنها ... قَلَتْكِ ولكنْ قلَّ منها نصيبُها (?)

ثم نزل أبوه إلى مني وهو معه، فصاح صائح: يا ليلى. فَخَرَّ مَغْشِيًّا عليه، ثم أفاق فقال:

وداعٍ دعا إذْ نحن بالخَيفِ من مني ... فهَيَّجَ أحزانَ الفؤادِ وما يدري

دعا باسم ليلى غيرَها فكأنَّما ... أطارَ بليلَى طائرًا كان في صدري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015