وكان عبّاد بن الحُصين على شرطة البصرة، وابنُ معمر خليفة مصعب عليها. فأرسل ابنُ أصمع إلى عبَّاد بن الحصين يخبره بنزول خالد عليه، ورجا أن يكون عبَّاد ظهيرًا له، فوافاه رسولُه وقد نزل عن فرسه، فأبلغَه الرسالة، فقال عبَّاد: قل له: واللهِ لا أضعُ لِبْدَ فرسي حتى آتيَك في الخيل.
فعاد الرسولُ إليه وأبلغه ما قال عبَّاد، فقال ابنُ أصمع لخالد: واللهِ ما أغرُّك، الساعةَ يأتينا عبَّاد، ولا أقدرُ أمنعك منه، فاخْرُجْ إلى مالك بن مِسْمَع، فهو أمنع منّي.
فخرج خالد من عنده، وأتى مالكًا، فاستجارَ به، فأجاره، وأرسلَ إلى الأَزْد وبكر بن وائل: البسُوا السلاح، وأقبلُوا بالرايات من بني تميم وغيرهم، وجاءه صعصعة بنُ معاوية، وعبدُ العزيز بنُ بشر، ومُرَّة بن مَحْكَان، وعُبيد الله بن أبي بَكْرة، وحُمران مولى عثمان، وغيرُهم.
وأقبل ابنُ معمر وعبَّادُ بن الحُصين، وأمدَّهم مصعب بنُ الزُّبير من الكوفة بزَحْر بن قيس الجُعفي في ألف فارس، ووجَّه عبدُ الملك عُبيدَ الله بنَ زياد بنِ ظَبْيان مددًا لخالد، فتربَّص ولم يدخل البصرة.
وأقاموا يقتتلون أربعة عشر يومًا (?)، ثم اتفقوا على أن يخرجَ خالد من البصرة، بأمان وكانت عين مالك قد أُصيبت في هذه الحرب.
فخرج خالد إلى الشام بأمان، وبلغ عُبيدَ الله بنَ زياد بن ظَبْيان، ففرَّق الناسَ عن خالد، فلحق بعبد الملك.
وفي ذلك يقول الفرزدق يذكر مالكًا ولحاقَ بني تميم وخالدًا وخروجَه:
عجبتُ لأقوامٍ تميمٌ أبوهُمُ ... وهم في بني سعدٍ (?) عِظامُ المَبَارِكِ
وكانوا أعزَّ الناسِ قبلَ مسيرِهم ... إلى الأزْد لمَّا أقبلوا بالسَّنابكِ (?)
فما ظنُّكم بابنِ الحَوَاريِّ مصعبٍ ... إذا افْتَرَّ عن أنيابه غيرَ ضاحكِ