ذلك، فخُذْ هذا السيف، فإنَّ قيمتَه عشرون ألفًا. فقال: الآن حقَّقتَ عندي بخلك باستكثارك لقيمة سيفك، فحسبي عطاءُ ربي الذي لا يبخلُ ولا يذهلُ. ولم يقبله، وعلم عبدُ الملك عقلَه وزُهدَه في الدنيا وفضلَه، فقال: أنا عبد الملك، فارْفَعْ إليَّ حوائجك. فقال: وأنا أيضًا عبدُ الملك، فهلَّم فلنرفَعْ حوائجَنَا إلى مَنْ أنا وأنتَ عَبْدانِ له (?).

فودَّعه عبد الملك، وسارَ إلى دمشق، فنزلَ المَرْج، وراسلَ عَمْرًا، ولاطفَه وقال: أُناشدُكَ اللهَ والرَّحِم أن تُفسد أمرَ بيتك، وما هم عليه من اجتماع الكلمة، وفيما صنعتَ قوةٌ لابن الزُّبير، ارجعْ إلى بيعتك، ولك عليَّ عهدُ الله وميثاقُه. وحلفَ له بأَيمانٍ مغلَّظة: إنك وليُّ عهدي بعدي.

وكتبا بينَهما كتابًا، فانخدعَ له عَمرو، وفتحَ أبوابَ دمشق، واحترزَ منه عَمرو بالعبيد.

وخرج عمرو إلى عبد الملك في الخيل متقلِّدًا قوسًا سوداء، فأقبلَ حتى أوطأَ فرسه أطناب سُرادق عبد الملك، فانقطعت الأطناب، وسقط السُّرادق، ونزل عَمرو، فجلس وعبدُ الملك مُغضَب، فقال له: يا أبا أمية، كأنك تشبه بتقليدك هذه القوس هذا الحيَّ من قيس. فقال عَمرو: لا, ولكني أشبه من هو خيرٌ منهم: العاص بن أمية. ثم قام عَمرو مغضَبًا والخيل معه حتى دخلَ دمشق.

ودخل عبد الملك دمشق، فبعث إلى عَمرو: قد استوليتَ على الخزائن، فأعطِ الناس أرزاقَهم. فأرسل إليه عَمرو: إنَّ هذا البلدَ ليس لك ببلد، فاشْخَصْ عنه.

فلما كان بعد ثلاثة أيام من دخول عبد الملك بعثَ إلى عَمرو أنِ ائتني، وهو عند امرأته الكلبيَّة، وقد كان عبدُ الملك استشارَ كُرَيب بن أبرهة (?) بن الصبَّاح في أمر عَمرو، فقال: لا ناقة لي في هذا ولا جَمَل.

وجاء رسول عبد الملك إلى عمرو وعنده عبد الله بن يزيد بن معاوية -وكان زوجَ ابنةِ عَمرو، وهي أمُّ موسى- فقال له: لا تأته. قال: ولم؟ قال: بلغني عن تُبيع ابن امرأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015