الملك رأى فِي أصحاب زُفر قلَّة (?)، فقال: لو علمتُ أنَّ الحال كذا؛ ما صالحتُه. وبلغَ زُفَرَ، فقال: يا عبد الملك، إنْ شئتَ رَدَدْناها وعُدْنا إلى الأول؟ فقال: لا يا أبا الهُذَيل.

و[قال أبو اليقظان: ] لما خرج زُفر إلى عبد الملك؛ أجلَسه معه على سريره، فقال له ابن عضاه الأشعري: أنا كُنْتُ أحقَّ منه بهذا المجلس. فقال زُفَر: كذبتَ، لستَ هناك، إني عادَيتُ فأضرَرْتُ، وواليتُ فنفعتُ.

وقال الأخطل الشاعر لعبد الملك: أتُدْني هذا منك وقد حاولَ سَلْبَ نعمتِك؟ ! وهو القائل:

وإنِّي زُبيريُّ الحياةِ فإنْ أمُتْ ... فإنِّي لَمُوصٍ هامتي بالتزبُّرِ

فغضب عبد الملك واحمرَّتْ عيناه، فقال له زُفَر: يا عبدَ الملك، لا تسمعنَّ قول ابنِ النصرانيَّة، فإنَّما رُبِّيَ لحمُه على لحم الخنزير والخمر والكفر بالله، عدوّ الله وعدوّ رسولِه، فإنا قاتلناك بالأمس، وواليناك اليوم، فنحن اليومَ على طاعتك أشدُّ ممَّا كنَّا عليه فِي معصيتك (?).

ولما كثَّر الناس على زُفَر عند عبد الملك؛ انقبضَ عنه، فدخل عليه يومًا، فمدَّ عبدُ الملك رِجْلَه مكانًا يقعدُ فيه زُفَر، فقال له زُفر: كُفَّ رِجْلَكَ يا عبدَ الملك عن مجلس خالِك، وفِ لي بصفقة يمينك كما وفيتُ لك بصفقة يميني. فكفَّ عبدُ الملك رِجلَه، وجلسَ زُفر (?).

ويعني قول زُفَر: عن مجلس خالك: أنَّ أمَّ أميَّة (?) بنت أبان بن كُليب بن ربيعة بن عامر.

وزُفَر (?) بن الحارث بن عَبْد عَمرو بن مُعاز [بعين مهملة وزايُ معجمة] الكلابي، من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015