وذكر ابنُ سعد قصته فقال: قدم على المختار الكوفةَ من الحجاز، فسألَه أنْ يُعطيَه شيئًا، فقال: أقَدِمْتَ بكتاب من عند المهديّ؟ قال: لا. فحبَسه أيامًا، ثمَّ خلَّى عنه وقال: اخْرُجْ عنَّا. فسار إلى البصرة.
وقال الزُّبير بن بكَّار (?): قدم على المختار الكوفة، فقال له المختار: إنَّ صاحب أمرِنا هذا لا يَحِيكُ (?) فيه السِّلاحُ، فإنْ كنتَ ذلك بايعناك. فخرج هاربًا إلى البصرة.
رجع الحديث إلى ابن سعد قال: فخرج هاربًا إلى مصعب بن الزبير، فنزل بالبصرة على خاله نُعيم بن مسعود التميمي، وأعطاه مصعب مئة ألف درهم.
ثمَّ سارَ مصعب بن الزبير من البصرة إلى الكوفة لقتال المختار، واستخلفَ على البصرة عمرَ بنَ عُبيد الله بن معمر، فلما سار مصعب تخلَّف عنده عُبيدُ الله (?) بنُ علي عند أخواله، وسارَ خالُه نعيم بن مسعود مع المصعب إلى العراق.
فجاءت بنو سعد بن زيد مناة إلى عُبيد الله وقالوا: نحن أَخْوالُك أيضًا، ولنا فيك نصيب، فتحوَّل إلينا لنكرمَك، فحوَّلوه إليهم، وأنزلوه بينهم، وبايعوه بالخلافة، فقال: يا قوم، لا تعجلوا، لا تفعلوا، وهو كارهٌ.
وبلغ المصعبَ، فكتبَ إلى ابنِ معمر خليفتِهِ على البصرة يُعَجِّزُهُ ويقول: كيف غفلتَ عن عُبيد الله وعمَّا أخذوا له من البيعة؟ !
ثمَّ دعا مصعبٌ خاله نُعيمَ بنَ مسعود فقال له: قد كنتُ لك محبًّا (?) ومكرمًا، فما حملك على أن تدع ابنَ أختك بالبصوة يؤلِّب الناس ويخدعُهم؟ ! فحلفَ له بالله إنَّه ما علمَ بشيء من ذلك. فصدَّقه مصعب. فقال له نُعيم: أنا أكفيك أمره، وأقدم به عليك.