بالقُباع، واجتمع الناس، فَسَفَر عن وجهه، فعرفوه، وجاء الحارث، فجلس على درجة المنبر، فقام مصعب، فحمد الله وأثنى عليه، وقرأ: {طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ} إلى قوله: {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 1 - 6] ولما قرأ: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} أشار إلى مكة بيده إلى أخيه، ولما قرأ: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} أشار بيده نحو الشام إلى عبد الملك بن مروان.

ثمَّ قال: يا أهل البصرة، بلغني أنكم تُلقِّبون أمراءكم، وقد سمَّيتُ نفسي الجزَّار (?).

الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة

قلت: ومعنى هذا أنهم لقَّبوا الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة القُباعَ؛ مَرَّ بسوق البصرة، فرأى مكيالًا، فقال: إنَّ مكيالكم لَقُباع.

وقد ذكره الجوهري فقال: والقُباع بضم القاف والتخفيف: مكيال ضخم، وهو لقب الحارث بن عبد الله والي البصرة.

وقال الشاعر يخاطب ابنَ الزبير -وقيل: هي لأبي الأسود الدِّيلي-:

أميرَ المؤمنين جُزِيتَ خيرًا ... أرِحْنا من قُبَاع ابنِ (?) المغيرَهْ

وقال أبو عبيد: القُباع مكيال ضيّق الأعلى، واسعُ الأسفل.

وهذا:

الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة

واسمُ أبي ربيعة عَمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو (?) بن مخزوم.

وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين من أهل المدينة؛ قال (?): وأمُّه أمُّ ولد.

قال: واستعملَه عبدُ الله بنُ الزبير على البصرة، وكان رجلًا سهَّاكًا، فمرَّ بمكيالٍ بالبصرة، فقال: إن هذا لَقُباع صالح، فلقَّبوه القُباع. ومعنى سهَّاكًا أي: فيه خِفَّة، من قولهم: فرس سهَّاك، أي: خفيف الجري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015