فرأَوْه نائمًا متصبِّحًا، فقال ابنُ عِضاه: يا قوم، أتجعلون نحورَنا للأسنَّة والسهام لهذا الغلام وهو نائم في هذه الساعة؟ !
ثم أتى مروانَ، فألفاه يقرأ القرآن والمصحف بين يديه، وفرسه مربوط إلى جانب فسطاطه، ورُمْحُه مركوز على الفسطاط، ودِرعُه وسلاحُه إلى جانبه، فقال ابن عضاه: هذا واللهِ المُجِدُّ المُشَمِّر الحازم الذي يصلحُ لهذا الأمر، وهو شيخ قريش وابنُ عمّ الخليفة المظلوم.
وجاء إلى حسان، فأخبره الخبر، فقال: أنا منعتكم (?)؟ وإنما كرهتُ أن يخرج هذا الأمر عن بني أمية إلى ابن الزبير (?).
وأجمعَ رأيُ القوم على بيعة مروان، وبعده لخالد، [ثم لعمرو بن سعيد بن العاص من بعد خالد، على أنَّ إمرة دمشق لعمرو بن سعيد، وإمرة حمص لخالد بن يزيد.
فدعا حسانُ خالدَ بنَ يزيد وقال له: يا ابن أخت، إن القوم قد أَبَوْك لحداثة سنِّك، وإني واللهِ لا أُريد هذا الأمر إلا لك ولأهل بيتك، وما أُبايع مروان إلا نظرًا لكم. فقال خالد بن يزيد: عَجَزْتَ عنا. فقال: لا والله، ما عجزتُ عنك، ولكن الرأيَ لك ما رأيتُ. ثم دعا مروان وقال له: يا مروان، واللهِ ما كلُّ الناس يرضى بك. فقال مروان: إنْ يُردِ [الله] أنْ يُعطِيَنيها فلا مانع له، وإن منعها عني لم يقدر أحدٌ أن يُعطيَنيها. فقال حسان: صدقتَ (?).
واختلفوا في بيعته على أقوال: أحدُها: في المحرم سنة خمس وستين، والثالث: يوم الخميس في رجب سنة أربع وستين (?).
وسار مروان إلى دمشق لقتال الضحَّاك، وسار حسان إلى الأردنّ.